
باشرت لجنة النزاهة في مجلس النواب فتح ملفات فساد “جديدة” في عقود التسلح السابقة لوزارتي الدفاع والداخلية، مبينة ان تلك الملفات تخص صفقات وقعها العراق مع دول روسيا والصين والتشيك وأوكرانيا وبلغاريا.
وقال رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، الاسبوع الماضي، ان لجنة عليا، شُكلت، لتنسيق الجهود بين المؤسسات المعنية بمكافحة الفساد، وأعلن اتخاذه سلسلة إجراءات لملاحقة “كبار الفاسدين” واعتقالهم.
وثبتت النزاهة النيابية ملاحظات على أكثر عقود الدفاع؛ من بينها شراء 400 مدرعة من إحدى الدول، تبين وجود تشققات في 86 منها، ما أدى إلى ايداعها في معسكر التاجي لأشهر.
ويقول رئيس لجنة الامن الرلمانية، إن “هناك ملفين فيهما شبهات فساد أحدهما، شراء الدفاع أجهزة لمقاومة الطائرات بقيمة 287 مليون دولار”، الاخر يتعلق بـ”عقد كشف المتفجرات”، مؤكدا وجود شبهات فساد متورط فيها كبار المسؤولين.
ويشير مراقبون للشأن الامني والستراتيجي العراقي الى أن المبالغ المصروفة على المؤسسة العسكرية، منذ 2003 ولغاية الان، تجاوزت 147 مليار دولار.
ويوضح خبراء في الشأن الامني، أن أقيام استيرادات وزارة الدفاع، مع الازمة المالية، تبلغ حوالي 600 مليون دولار سنويا.
وقال رئيس لجنة النزاهة، طلال الزوبعي في تصريح لـ”العالم”، ان لجنته “تعتزم التحقيق في ملفات فساد جديدة في عقود وصفقات الاسلحة لوزارتي الدفاع والداخلية”، مبينا ان اللجنة “تضغط في الوقت الحاضر باتجاه حسم قضايا التسليح التي تم الكشف عنها في وقت سابق”.
ووفقا للزوبعي فان القضايا الجديدة التي تنوي لجنته فتحها، تتعلق بعقود وهمية وملفات خاصة بهدر المال العام، اضافة الى عقود تتعلق باستيراد اسلحة تالفة، لافتا الى ان حجم الفساد في تلك العقود يصل الى “ارقام خيالية”.
وتعد ظاهرة الفساد “التحدي الأكبر” الذي يواجه العراق إلى جانب الأمن، منذ سنة 2003، لا سيما أن مستوياته بلغت حداً أدى بمنظمات دولية متخصصة إلى وضع العراق من بين البلدان “الأكثر فساداً” في العالم، مثلما أدى إلى احتجاجات شعبية عمت غالبية المحافظات للمطالبة بمكافحة الفساد المستشري، وتحسين الخدمات.
وكان عضو لجنة النزاهة عادل نوري، اكد ان لدى اللجنة “ملفات فساد ضخمة تخص وزارة الدفاع″، متهما بها “مسؤولين كبارا بالوزارة بما فيهم الوزيران الحالي والسابق”.
وأضاف نوري، أن “لجنة النزاهة النيابية ثبتت ملاحظات على أكثر عقود وزارة الدفاع؛ من بينها شراء 400 مدرعة من إحدى الدول، تبين وجود تشققات في 86 منها ما أدى إلى ايداعها في معسكر التاجي لأشهر”.
واضاف ان “المدرعات المعيوبة أرسلت إلى جبهات القتال، بدلاً من إعادتها لمصدرها وتغريم الشركة المصدرة واسترداد أموال العراق”.
وتابع نوري وهو نائب عن حركة التغيير، أن “الدولة التي استوردت منها تلك المدرعات، اعطت العراق مواد أخرى بدل مبالغ المدرعات المتبقية”، معربا عن استغرابه من “عدم تغريم الشركة المصدرة مبالغ تلك المدرعات”.
من جانبه، بين رئيس لجنة الامن والدفاع النيابية حاكم الزاملي، إن “هناك ملفين فيهما شبهات فساد أحدهما لصالح وزارة الدفاع ويتعلق بشراء أجهزة لمقاومة الطائرات بقيمة 287 مليون دولار”، مستدركا “أنني أرسلت كتابا رسميا بخصوص العقد إلى وزير الدفاع وهيئة النزاهة يشير إلى تورط مدير عام التسليح والتجهيز”.
وأضاف الزاملي أن “الملف الثاني هو عقد كشف المتفجرات، حيث حققت لجنة الأمن والدفاع بالعقد ووجدت أن هناك شبهات فساد متورط فيها كبار المسؤولين”، مبينا أن “اللجنة أعدت تقريرا ورفعته إلى هيئة النزاهة لكنها لم تتخذ لحد هذه اللحظة أي إجراء”.
وعرج الزاملي على وجود مواقع أمنية “حساسة” وضع فيها رجال ليس لهم علاقة بالأمن “وهذا ما ندفع ثمنه”، داعيا العبادي إلى “ضرورة الإسراع باتخاذ إجراءات إصلاحية بشأن إدارة العمل الأمني”.
في السياق ذاته، يقول المراقب للشأن الأمني الدكتور احمد الشريفي، في حديث لـ “لعالم”، إن “أية قضية تطرح للتحقيق الآن، ربما تتعرض للمساومات والتسويف”.
وينبه الشريفي الى ان “معالجة ملفات الفساد وخاصة في صفقات الاسلحة لا يمكن ان يتم من خلال الطبقة السياسية الداخلة في العملية السياسية منذ 2003، باعتبار أن اغلب اعضائها متهمون بالفساد”.
واشار الى ان “محاربة الفاسدين واسترجاع الاموال المنهوبة، تتم عبر استمرار ضغط الشارع والمرجعية، واختيار اشخاص كفوئين خارج المنظومة السياسية للنظر بتلك الملفات”.
ويرى الشريفي ان “الفساد لم يكن في العقود التسليح فحسب، وانما في ادارة المؤسسة العسكرية”.
وبسحب الشريفي بان “الاموال المصروفة على المؤسسة العسكرية، منذ 2003 ولغاية الان، تجاوزت 147 مليار دولار”، مبينا ان تلك المبالغ كان يمكن ان تجعل البلاد في مصاف الدولة المتقدمة بالمجال العسكري والامني.
الى ذلك، قال الخبير في الشأن العسكري، عبد الكريم خلف، لـ”العالم”، إن مبالغ الاستيرادات لدى وزارة الدفاع، بعد الازمة المالية التي يعيشها البلاد، تقترب من 600 مليون دولار سنويا.
ويوضح خلف، وهو لواء متقاعد، أن تلك العقود اقتصرت على عملية تجهيز الاسلحة والاعتدة والذخائر من اجل تلبية متطلبات الحرب ضد “داعش”.
ويعتبر خلف تلك المبالغ “قليلة، اذا ما قورنت بصفقات التسليح السابقة”.
ويستبعد خلف “وجود ملفات فساد لدى الوزارة الحالية”، الا انه يؤكد وجود “شبهات في العقود السابقة”.
ويحذر خلف من استهداف المؤسسة العسكرية في الوقت الحاضر، مشيرا الى ان ذلك “امر لا يصب في صالح المعركة ضد داعش”.
اترك تعليقاً