العدالة لدى الرجاليين
العدالة لدى الرجاليين
ناصر سوادي
ان العدالة كمفهوم تطبيقي مختلف فيه لدى العلماء والمختصين ولقد أثير هذا الجدل حين توجهت بوصلة التحقيق حول ضابطة العدالة التي على اساسها ابتنى ( الجرح والتعديل ) لدى المتقدمين وعلى رأسهم الطوسي وغيره ، فيما يذهب اغلب المحققين الى ان الشيخ كان يعتبر مجرد حسن الظاهر او ظهور الاسلام مع عدم ظهور الفسق دال على عدالة الراوي بينما لايوافقه كثير من ارباب ومجتهدي المتأخرين ولنستمع الى تفصيل من احد محققي هذا الفن حيث جاء مانصه :
( ان ائمة الرجال الناقلين للجرح والتعديل اختلفت مذاهبهم في معنى العدالة ومقابلها ، فرب عادل عند شخص – بناء على مبناه في تفسير العدالة – يكون مجروحا عند آخر ، ولما كانت مبانيهم في العدالة ومقابلها غير معلومة لدينا ، فكيف يصح لنا الاعتماد على تقييمهم ، فإن مبنى النجاشي رحمه الله في العدالة غير معلوم لنا فضلا عمن ينقل عنهم كثيرا من التقييمات كبني نوح وعقدة وفضال وغيرهم ، بل الشيخ الطوسي الذي هو من اقطاب هذا الفن يكتفي في ثبوت العدالة بظهور الاسلام مع عدم ظهور الفسق ، مع ان هذا المبنى معرض عنه من قبل كثير من مجتهدي هذه الازمان ) المصدر ” السوانح العاملية في تنقيح القواعد الرجالية ح1 الشيخ معين دقيق العاملي ص 143
ثم يقول وفي نفس المصدر ( ان الاختلاف في العدالة واقع على ثلاثة معان :
1- المعنى الادنى وهو ظهور الاسلام وعدم ظهور الفسق
2- المعنى الاوسط : وذلك بأن ينضم الى ماتقدم حسن الظاهر
3- المعنى الاعلى : وذلك بأن تكون العدالة ملكة راسخة في النفس باعثة على ملازمة التقوى بفعل الواجبات وترك المحرمات ، ولايعرف ذلك الا عن طريق المعاشرة المستمرة ) المصدر السابق ص 146
اقول : لذا وقع الخلاف على اي ضابطة يمكن ان يبنى جرح الرجاليين وتعديلهم او على اي مبنى وهو كما ترى مختلف في اقسام العدالة ومختلف في معرفة مبنى المتقدمين ، ولايقف الحد عند هذا الخلاف فحسب بل تعداه الى : ماهي امكانية الوصول الى معرفة عدالة الراوي او ماهي طرق معرفة العدالة لذا :
( ذكروا لمعرفة العدالة طرقا متعددة بعضها متفق عليه وبعضها مختلف فيه :
احدها : العلم الوجداني ، ولا اشكال في كونه طريقا اليها من اي نحو حصل ، لكونه حجة بالذات بنظر العقل ، كما حرر في محله ، ويلحق به العلم العقلائي المعبر عنه بالوثوق والاطمئنان .
ثانيها : البينة بلا اشكال ظاهر بين الفقهاء وعلماء الرجال والدراية .
ثالثها : حسن الظاهر ، وهو المعروف بينهم ، وخالف فيه جماعة منهم الشهيد في الدروس ، وهو عند المتأخرين واصحاب الرسائل العملية امر مسلَم ، وهو الحق ، والتحقيق موكول الى محله .
رابعها : شهادة عدل واحد بل مطلق الثقة ، لعموم ادلة حجية الخبر .
خامسها : ظهور الاسلام مع عدم ظهور الفسق ، وهو منسوب الى ابن الجنيد ، وشيخ الطائفة مدعياً عليه الاجماع على مافهمه الشيخ الاعظم من عبارة الخلاف ) ص 151
اقول : يتضح مما تقدم ان العدالة غير متفق عليها كمفهوم وكذلك غير متفق على طرق معرفتها لدى الاخرين وهذا الخلاف واقع لدى المتقدمين والمتأخرين على حد سواء ، مادعى مشتغلين معاصرين في هذا الفن الى القول بالاجتهاد بمعنى عدم الاعتماد على جرح المتقدمين ولاتعديلهم بل على الباحث ان يجتهد في الوصول الى ذلك بنفسه معتمدا على قرائن اخرى تنتج له فتاوى في الجرح والتعديل تتمخض عن البحث والاجتهاد غير معتمد بالدرجة الاساس على اجتهاد المتقدمين .
اترك تعليقاً