الوجوه المختلفة لنفس المشروع: خميس الخنجر والجولاني وتحالف الدم والطائفية

ضياء ابو معارج الدراجي
في مشهد لا يثير الدهشة لمن يعرف خبايا السياسة ومكر المتآمرين، ظهر خميس الخنجر ليهنئ أحمد الشرع، المعروف باسم “أبو محمد الجولاني”، بمناسبة تسلمه رئاسة ما يسمى بـ”حكومة سوريا الانتقالية”. هذه التهنئة لم تكن مجرد مجاملة دبلوماسية، بل كانت بمثابة إعلان واضح عن وحدة المشروع الطائفي البعثي التكفيري الذي دمر العراق وسوريا، وها هو يسعى للعودة من بوابة جديدة.
تحالف القتلة: وجوه مختلفة لنفس الهدف
لا يختلف خميس الخنجر عن الجولاني إلا في الشكل، فكلاهما يمثل تيارًا دمويًا متطرفًا يرى في الطائفية وسيلة للبقاء، وفي القتل والتهجير منهجًا للحكم. الجولاني، الذي بدأ رحلته الإرهابية مع تنظيم القاعدة ثم تفرع إلى جبهة النصرة ومن بعدها هيئة تحرير الشام، هو نفسه الذي سفك دماء السوريين، وشارك في دمار بلادهم بحجة محاربة النظام السوري. أما خميس الخنجر، فهو الوجه السياسي لمشروع مماثل، لكنه يرتدي قناع “المدني المتحضر”، بينما يسعى خلف الكواليس لإعادة العراق إلى عصور الفوضى الطائفية، خدمةً لأجندات خارجية.
الخنجر والشرع: عندما يُهنئ المجرم مجرمًا آخر
لا يمكن لمن يعرف تاريخ خميس الخنجر إلا أن يقرأ تهنئته للشرع كرسالة مشؤومة. فهذا الرجل، الذي لطالما دعم بقايا البعث واحتضن القتلة والإرهابيين بحجة “المظلومية”، يجد في الجولاني نموذجًا يُحتذى به. فكما كان البعث في العراق أداة للإبادة الجماعية، كان تنظيم النصرة بقيادة الجولاني الأداة الموازية في سوريا.
الخنجر لم يكن يومًا رجل سياسة حقيقي، بل كان دائمًا تاجرًا يتنقل بين العواصم، يبحث عن من يدعمه ليعيد العراق إلى أيدي أيتام صدام وأمراء الحروب. أما الجولاني، فبعدما احترقت ورقته الجهادية، يحاول الآن أن يظهر في ثوب رجل الدولة، لكنه في الحقيقة لا يزال يحمل فكر القاعدة، ولا يزال مشروعه قائمًا على الذبح والخطف والتكفير.
الطموح المشترك: إعادة العراق وسوريا إلى جحيم الطائفية
حين يفرح الخنجر بصعود الجولاني، فهو لا يفرح لمستقبل سوريا، بل يفرح لاحتمالية انتقال هذا المشروع الدموي إلى العراق مجددًا. فهو يدرك أن الجولاني، بشكله الجديد، قد يكون بوابة لإعادة الفوضى إلى المنطقة، ليعود العراق ساحة لتصفية الحسابات، كما كان أيام القاعدة وداعش.
الخنجر والجولاني، ومن هنأهما أو بارك لهما، ليسوا إلا أدوات لمخطط أكبر، يهدف إلى إبقاء المنطقة في دوامة الصراعات، كي لا تستقر، وكي تبقى تحت رحمة اللاعبين الإقليميين والدوليين.
كلمة أخيرة
على العراقيين والسوريين أن يدركوا أن هؤلاء ليسوا رجال دولة، بل رجال خراب ودمار. تهنئة الخنجر للشرع ليست سوى تأكيد على أن من أجرم في العراق يريد أن يرى التجربة ذاتها تتكرر في سوريا، ومن قتل السوريين يريد أن يمتد مشروعه إلى العراق. ويبقى التحدي الأكبر أمام الشعوب الواعية، التي يجب أن ترفض عودة هؤلاء القتلة إلى المشهد السياسي بأي شكل كان.
ضياء ابو معارج الدراجي
اترك تعليقاً