مستقبل العراق في ظل عودة ترامب: بين الاقتصاد والسياسة الإقليمية ضياء ابو معارج الدراجي

مقدمة
بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، يتجه العالم إلى إعادة تقييم سياساته وأولوياته الجديدة. ورغم أن ولايته الأولى اتسمت بالصدام مع إيران وفرض العقوبات، فإن سياساته في الولاية الثانية قد تأخذ مسارًا مختلفًا، حيث يركز على الاقتصاد والاستثمار بدلاً من الدخول في مواجهات عسكرية مكلفة. في هذا السياق، من المتوقع أن يكون للعراق دور محوري في استراتيجية ترامب، ليس فقط من زاوية الصراع الأمريكي-الإيراني، ولكن أيضًا من حيث إعادة ترتيب المشهد الاقتصادي والسياسي في المنطقة.
1. سياسة ترامب الجديدة: من المواجهة إلى الاستثمار
في ولايته الأولى، تبنى ترامب سياسة الضغوط القصوى على إيران، لكنه الآن يدرك أن الحرب المباشرة ليست خيارًا مربحًا. لذلك، من المتوقع أن يتجه نحو مغازلة إيران اقتصاديًا، بهدف فتح قنوات استثمارية جديدة. هذا قد ينعكس على العراق، حيث يمكن أن يشهد انفتاحًا أمريكيًا مشروطًا على المشاريع الاقتصادية في البلاد، بدلًا من التركيز فقط على العقوبات والمواجهة العسكرية.
2. العراق في ظل التوازن الأمريكي-الإيراني
من المرجح أن يحاول ترامب خلق توازن جديد في العراق، بحيث لا يضغط بشكل كبير على الفصائل المسلحة المدعومة من إيران، طالما أنها لا تهدد المصالح الأمريكية. على العكس، قد يسعى لاستغلال النفوذ الإيراني في العراق لتمرير صفقات اقتصادية كبرى، مستفيدًا من حاجتها إلى الانفتاح المالي بعد العقوبات.
3. مستقبل القوات الأمريكية: انسحاب تدريجي وليس مفاجئًا
فيما يتعلق بالوجود العسكري الأمريكي، من غير المتوقع أن يتخذ ترامب قرارًا بالانسحاب الفوري، لكنه قد يواصل تقليل عدد القوات تدريجيًا، مع الإبقاء على قواعد رئيسية لحماية المصالح الاقتصادية. كما أنه قد يفرض على الحكومة العراقية رسومًا أو التزامات مالية مقابل استمرار الدعم الأمني، وفقًا لنهجه الذي يركز على جني الأرباح بدلًا من الإنفاق العسكري غير المبرر.
4. العراق في سياق السياسة الإقليمية: ترحيل سكان غزة وصفقات مع الخليج
من بين المشاريع الكبرى التي قد يسعى ترامب لتنفيذها هو إعادة توطين سكان غزة في دول مثل الأردن، مصر، وإندونيسيا، في إطار صفقة إقليمية تهدف إلى إنهاء النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي بطرق غير تقليدية. هذا قد يضع العراق أمام خيارات صعبة، خاصة مع إمكانية تعرضه لضغوط للمشاركة في هذه الترتيبات أو تقديم دعم لوجستي في بعض الملفات.
5. العلاقة مع الخليج والسعودية: فرض الأتاوات مقابل الحماية
ترامب معروف بسياسته القائمة على “الحماية مقابل الدفع”، ومن المتوقع أن يواصل الضغط على السعودية ودول الخليج لدفع مزيد من الأموال مقابل الحماية الأمريكية. قد يعني هذا أن العراق سيكون جزءًا من هذه المعادلة، إما عبر تقديم تسهيلات اقتصادية للشركات الأمريكية، أو عبر دفع ثمن استقرار أمني تضمنه واشنطن بشروطها الخاصة.
6. ملف أوكرانيا والمساعدات الخارجية: تقليص الإنفاق الأمريكي
إحدى السياسات المتوقعة في ولاية ترامب الثانية هي إنهاء الدعم الأمريكي لأوكرانيا وتقليل الإنفاق العسكري والمساعدات الخارجية. العراق قد يتأثر بهذا التوجه، خاصة إذا تم تقليص أي دعم أمريكي للجيش العراقي أو المشاريع التنموية المدعومة من واشنطن. وهذا قد يدفع بغداد إلى البحث عن بدائل جديدة، سواء عبر الشراكة مع الصين أو تعميق التعاون مع إيران.
7. النفط والاقتصاد العراقي: فرصة أم تهديد؟
يبدو أن ترامب سيركز بشكل أكبر على الاستثمارات النفطية في العراق، وقد يسعى إلى الحصول على امتيازات جديدة لشركات أمريكية في قطاع الطاقة. في المقابل، قد يحاول منع العراق من التعاون مع دول مثل روسيا والصين في هذا القطاع، مما قد يخلق صراعات اقتصادية داخلية حول كيفية التعامل مع الضغوط الأمريكية.
خاتمة: عراق جديد في ظل سياسة “ترامب الاقتصادية”
عودة ترامب إلى السلطة لا تعني بالضرورة تصعيدًا عسكريًا جديدًا في العراق، بل من المحتمل أن يكون التركيز على الاقتصاد وجمع الأموال هو الأولوية الرئيسية. العراق قد يجد نفسه في موقف صعب بين الضغوط الأمريكية للانفتاح الاقتصادي والشراكة مع واشنطن.
ضياء ابو معارج الدراجي
اترك تعليقاً