أوزبكستان الجديدة بناء مستقبل مستدام بقوة الإصلاح

عبدالحميد حميد الكبي
تقود أوزبكستان مسيرة طموحة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، مستلهمةً رؤية الأمم المتحدة لأجندة 2030 التي تهدف إلى بناء عالم أكثر عدلاً واستدامة. من خلال إصلاحات منهجية وتشريعات رائدة، تسعى أوزبكستان إلى تحسين جودة حياة مواطنيها، تعزيز النمو الاقتصادي، وحماية البيئة، مع التركيز على التعاون الدولي والشراكات المحلية. في عامي 2024 و2025، عززت البلاد جهودها من خلال استراتيجيات مبتكرة وآليات تمويل متقدمة، مما جعلها نموذجاً ملهماً في المنطقة.
حيث تبنت أوزبكستان أهداف التنمية المستدامة الـ17 التي اعتمدتها الأمم المتحدة في 2015، مع استثناء الهدف 14 المتعلق بالمحيطات والبحار نظراً لعدم وجود حدود بحرية للبلاد. من خلال قرار مجلس الوزراء في 20 أكتوبر 2018، وتعديله في 21 فبراير 2022، حددت أوزبكستان 16 هدفاً وطنياً تشمل 126 مهمة و190 مؤشراً تتماشى مع خصوصياتها الوطنية. هذه الأهداف تتناول قضايا حيوية مثل الحد من الفقر، تحسين التعليم والرعاية الصحية، المساواة بين الجنسين، والاستدامة البيئية. في عام 2024، عززت أوزبكستان التزامها من خلال دمج هذه الأهداف في دستورها المحدث وأكثر من 360 قانوناً تنظيمياً، مما يعكس نهجاً منهجياً لتحقيق التنمية المستدامة.
أنشأت أوزبكستان مجلس تنسيق وطني برئاسة نائب رئيس الوزراء لتنظيم تنفيذ أهداف التنمية المستدامة حتى 2030. يهدف المجلس إلى توحيد جهود الوزارات والمؤسسات لتطوير استراتيجيات وطنية، تعبئة الموارد المالية والفنية، وضمان التنسيق بين القطاعات. كما أُنشئت لجنة برلمانية برئاسة رؤساء غرف مجلس الأعلى لمراقبة تنفيذ التشريعات المتعلقة بالتنمية المستدامة. في عام 2025، يخطط البرلمان لتعزيز الرقابة من خلال مراجعات دورية لتقارير الحكومة، مما يعزز الشفافية والمساءلة في تنفيذ السياسات.
تتماشى استراتيجية “أوزبكستان الجديدة 2030” مع أهداف التنمية المستدامة، مما يجعلها خارطة طريق وطنية لتحقيق التنمية الشاملة. تتضمن الاستراتيجية أهدافاً محددة في النمو الاقتصادي، التنمية الاجتماعية، وحماية البيئة. على سبيل المثال، تركز على تحسين جودة التعليم من خلال تطوير منصات رقمية وتجهيز المدارس بمختبرات حديثة، وتعزيز الرعاية الصحية عبر تحديث المرافق الطبية. كما تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 6% في 2025، مع زيادة صادرات السياحة إلى 800 مليون دولار، مستفيدة من تراثها الثقافي في مدن مثل سمرقند وبخارى. هذا التكامل يضمن تقدم أوزبكستان نحو تحقيق أهداف الأمم المتحدة.
وتلتزم أوزبكستان بتحقيق الاستدامة البيئية من خلال مبادرات مثل الاقتصاد الأخضر وتوسيع استخدام الطاقة المتجددة. في عام 2024، تم تجهيز 74,172 منشأة بألواح شمسية لتوليد 785 ميغاواط، مع خطط لإضافة محطات طاقة كهرومائية صغيرة بقدرة 225 ميغاواط في 2025. كما أطلقت مشاريع لزراعة 32 مليون شجرة مثمرة وزينة، وتطوير 100 ألف هكتار من المساحات الخضراء في منطقة بحر الآرال لمكافحة التصحر. هذه الجهود، التي تدعمها استراتيجية أوزبكستان الجديدة، تهدف إلى تقليل الانبعاثات الكربونية وتعزيز الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية.
يتطلب تحقيق أهداف التنمية المستدامة موارد مالية ضخمة، حيث تشير تقديرات البنك الدولي إلى حاجة عالمية تتراوح بين 2 إلى 4 تريليون دولار سنوياً. في أوزبكستان، يُقدر أن تحقيق الأهداف الوطنية يتطلب استثمارات إضافية بقيمة 6 مليارات دولار سنوياً. في عام 2024، وجهت الحكومة 69% من ميزانية الدولة لدعم هذه الأهداف، مع خطط لزيادة النسبة إلى 72% في 2025. كما طورت استراتيجية تمويل وطنية تشمل أدوات مبتكرة مثل السندات الخضراء والصكوك، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص. يلعب البرلمان دوراً محورياً في مراجعة الميزانية لضمان تخصيص الموارد بكفاءة للمشاريع المستدامة.
تؤكد أوزبكستان على أهمية الشراكات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بما يتماشى مع الهدف 17 “الشراكات من أجل الأهداف”. في عام 2024، استضافت سمرقند قمة “آسيا الوسطى – الاتحاد الأوروبي”، مما عزز التعاون الاقتصادي والثقافي. كما تستعد لاستضافة مؤتمر اليونسكو في 2025، مما يبرز دورها في تعزيز التراث الثقافي العالمي. تشمل الشراكات أيضاً جذب استثمارات أجنبية وتبادل الخبرات مع المنظمات الدولية، مع إشراك مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص في تنفيذ المبادرات المحلية.
وتُعد المراجعات الوطنية الطوعية أداة رئيسية لتقييم تقدم أوزبكستان في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. في عام 2024، قدمت أوزبكستان تقريراً وطنياً طوعياً إلى الأمم المتحدة، أبرز إنجازاتها في تقليل الفقر بنسبة 3% وتحسين التعليم الأساسي بنسبة 12% مقارنة بعام 2023. هذه التقارير تعزز الشفافية والمساءلة، وتوفر منصة لتبادل الخبرات مع دول أخرى. في 2025، تخطط أوزبكستان لتطوير مؤشرات SMART (محددة، قابلة للقياس، قابلة للتحقيق، ذات صلة، ومحددة زمنياً) لمراقبة الأهداف بدقة، مع الاستفادة من الرقمنة والذكاء الاصطناعي.
تتطلع أوزبكستان إلى تعزيز جهودها في 2025 من خلال دمج أهداف التنمية المستدامة بشكل أعمق في السياسات الوطنية، مع التركيز على تطوير آليات تمويل مبتكرة مثل القروض الخضراء وسندات الشتات. كما ستعزز الرقابة البرلمانية من خلال مراجعات دورية، وتشجيع مشاركة المجتمع المدني والقطاع الخاص. يشمل ذلك دعم البحث العلمي في مجالات الرقمنة والتقنيات الخضراء، مع خطط لتوسيع السياحة البيئية بنسبة 20% في 2025، مما يعزز الاقتصاد ويحمي التراث الطبيعي.
لذلك تسير أوزبكستان بخطى واثقة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول 2030، مستندة إلى استراتيجية “أوزبكستان الجديدة” والتزامها بالشراكات الدولية. من خلال إصلاحاتها الشاملة، تمويلها المبتكر، ومشاركة المجتمع، تبني أوزبكستان مستقبلاً مستداماً يجمع بين الرفاهية الاجتماعية، النمو الاقتصادي، وحماية البيئة. مع استمرار هذه الجهود، تظل أوزبكستان نموذجاً ملهماً للدول الطامحة إلى تحقيق التنمية الشاملة.


اترك تعليقاً