أوزبكستان مهندسة السلام في قلب آسيا الوسطى

عبدالحميد حميد الكبي
في عالم تمزقه الصراعات وتتشكل فيه ديناميكيات القوة يوميًا، تبرز أوزبكستان كنموذج فريد للدبلوماسية البنّاءة وسياسة حسن الجوار. تحت قيادة الرئيس شوكت ميرضيائيف، تحولت هذه الدولة في آسيا الوسطى إلى قوة إقليمية رائدة، تعيد صياغة العلاقات الإقليمية بمبادرات السلام والتعاون. من خلال دبلوماسية مبتكرة، تسعى أوزبكستان ليس فقط لتعزيز استقرارها الداخلي، بل لإعادة تشكيل آسيا الوسطى كمنطقة للوئام والتنمية المستدامة، مما يجعلها محط أنظار العالم كصانعة نظام جديد في قلب القارة.
حيث تتميز سياسة حسن الجوار التي تتبناها أوزبكستان بثلاث ركائز أساسية: أولاً، تعزيز الإجماع الإقليمي لتجنب الصراعات، حيث تسعى الدول المجاورة معًا لتحقيق الاستقرار. ثانيًا، تأثير السياسة الخارجية الأوزبكية على الحوار الإقليمي، مما يعزز التفاهم المتبادل. وثالثًا، اكتساب الاعتراف الدولي كقوة إقليمية مسؤولة. هذه الخصائص تجعل من أوزبكستان قائدة للتغيير في آسيا الوسطى، حيث ينظر إليها العالم كدولة تقود الحوار البنّاء وتعزز التعاون بدلاً من التنافس.
وتحت قيادة الرئيس شوكت ميرضيائيف، برزت أوزبكستان كقوة دبلوماسية رائدة في تعزيز الاستقرار الإقليمي في آسيا الوسطى، مقدمة رؤية موحدة للتعاون والسلام. في 31 مارس 2025، لعبت أوزبكستان دورًا محوريًا في قمة خوجاند التاريخية التي عُقدت في مدينة خوجاند بطاجيكستان، حيث جمعت قادة أوزبكستان وطاجيكستان وقيرغيزستان. أسفرت القمة عن توقيع اتفاق حدودي غير مسبوق حدد نقطة التقاء الحدود بين الدول الثلاث، إلى جانب إعلان خوجاند للصداقة الأبدية. هذا الإنجاز، المدعوم بدبلوماسية ميرضيائيف الرؤيوية والملهمة، أنهى عقودًا من التوترات الحدودية، خاصة في مناطق حساسة مثل وادي فرغانة، وعزز مكانة أوزبكستان كرائدة للحوار البنّاء. من خلال هذه القمة، أكدت أوزبكستان التزامها بقيادة جهود السلام والتكامل الإقليمي، موجهة آسيا الوسطى نحو مستقبل من الاستقرار والازدهار.
وتُعد جهود أوزبكستان في ترسيم الحدود مع طاجيكستان وقيرغيزستان نموذجًا بارزًا لسياسة الرئيس ميرضيائيف القائمة على الحوار والسلام. منذ توليه السلطة، عمل الرئيس ميرضيائيف على تسوية الخلافات الحدودية التي طال أمدها من خلال مفاوضات مكثفة تركز على المصالح المشتركة. على سبيل المثال، تم توقيع اتفاقيات مع طاجيكستان لترسيم الحدود المشتركة، مما أنهى عقودًا من التوترات، بينما تم إحراز تقدم كبير مع قيرغيزستان لحل نزاعات حدودية في مناطق مثل وادي فرغانة. هذه الجهود، التي تجمع بين الدبلوماسية والإرادة السياسية، عززت الثقة المتبادلة وفتحت آفاقًا للتعاون الاقتصادي وحرية التنقل، مما يعكس التزام أوزبكستان بمبدأ حسن الجوار وإرساء السلام في المنطقة.
أصبح التعاون الاقتصادي ركيزة أساسية لسياسة أوزبكستان الإقليمية، حيث شهدت العلاقات التجارية مع دول آسيا الوسطى نموًا ملحوظًا. في عام 2024، ارتفع حجم التجارة بين أوزبكستان ودول آسيا الوسطى إلى حوالي 7.8 مليار دولار، مقارنة بـ 7.2 مليار دولار في عام 2023، بنسبة زيادة تقارب 8.3%، مع مساهمة كبيرة من كازاخستان بنسبة 61%، تليها تركمانستان وقيرغيزستان وطاجيكستان. هذه الأرقام تعكس الديناميكية الاقتصادية المتسارعة في المنطقة، مدعومة بجهود أوزبكستان لتعزيز الدبلوماسية الاقتصادية من خلال فتح أسواق جديدة، تطوير البنية التحتية، وتشجيع الاستثمارات المشتركة. كما ساهمت مبادرات مثل الاجتماع الوزاري الثاني للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون الخليجي ودول آسيا الوسطى في طشقند في 15 أبريل 2024، في تعزيز الشراكات التجارية والاستثمارية، مما يجعل أوزبكستان مركزًا إقليميًا للابتكار والتجارة.
حققت أوزبكستان، تحت شعار “أوزبكستان الجديدة”، تقدمًا ملحوظًا في الإصلاحات الاقتصادية وحقوق الإنسان، مما عزز مكانتها الدولية. تم انتخابها عضوًا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في عام 2020، وأشادت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بإصلاحاتها الديمقراطية. كما ساهمت أوزبكستان في قرارات الأمم المتحدة حول السلام والتنمية المستدامة، بما في ذلك إعلان منطقة بحر الآرال كمنطقة للابتكارات البيئية. هذه الإنجازات عززت دور أوزبكستان كقوة إقليمية مسؤولة، تجذب اهتمام القوى العالمية مثل الاتحاد الأوروبي والصين.
رُشح الرئيس الأوزبكي شوكت ميرضيائيف لجائزة ليو تولستوي الدولية للسلام لعام 2025، إلى جانب رئيسي طاجيكستان وقيرغيزستان، تقديرًا لدوره البارز في تعزيز الأمن الدولي والتفاهم المتبادل بين الدول. قاد ميرضيائيف مبادرات دبلوماسية مبتكرة، أبرزها دوره المحوري في قمة خوجاند التي أسفرت عن اتفاق حدودي تاريخي، عزز الاستقرار في آسيا الوسطى. كما ساهم في تعزيز فكرة منطقة خالية من التأشيرات وزيادة الجاذبية السياحية للمنطقة، مع التركيز على بناء عالم متعدد الأقطاب يقوم على سيادة القانون الدولي. هذه الجهود، التي تجمع بين الدبلوماسية النشطة والإصلاحات الداخلية، عززت مكانة أوزبكستان كقوة إقليمية مسؤولة، مما جعل ميرضيائيف رمزًا للسلام والتعاون على الساحة الدولية.
من خلال سياسة حسن الجوار والدبلوماسية الرؤيوية، نجحت أوزبكستان في إعادة تعريف آسيا الوسطى كمنطقة للتعاون والاستقرار. مبادرات الرئيس ميرضيائيف، من الاجتماعات التشاورية إلى حل النزاعات الحدودية ودعم أفغانستان، جعلت من أوزبكستان ركيزة أساسية للتنمية الإقليمية. ومع استمرار هذه الجهود، تتجه أوزبكستان نحو أن تصبح مركزًا للابتكار والتكامل الإقليمي، مؤكدة أن السلام والتعاون هما مفتاح المستقبل في آسيا الوسطى.
اترك تعليقاً