أردا خيوة رحلة عبر الزمن إلى قلب أوزبكستان
أ
في ربوع أوزبكستان، حيث ينسج التاريخ خيوطه مع سحر العصر الحديث، تتربع مدينة خيوة العريقة كجوهرة متلألئة على طريق الحرير. بأسوارها القديمة ومآذنها الشامخة، تأسر خيوة الألباب، لكن على مقربة منها يبرز مجمع “أردا خيوة” السياحي كوجهة تجمع بين الأصالة والحداثة. هنا، تنبض قنوات المياه بأصداء الماضي، وتتجلى روعة العمارة الخوارزمية في تفاصيلها الآسرة، بينما تعانق الحداثة تراث الشرق. استعد لتجربة سياحية ساحرة، حيث يلتقي عبق التاريخ بكرم الضيافة الأوزبكية في أردا خيوة
خيوة، المعروفة تاريخيًا باسم خوارزم، تمتد جذورها لأكثر من 2500 عام، وكانت مركزًا لخانية خيوة ومحطة حيوية على طريق الحرير. تشتهر بقلعة إيتشان كالا، المدرجة ضمن التراث العالمي لليونسكو منذ 1990، والتي تضم معالم معمارية فريدة مثل مئذنة كالتا مينور وجامع الجمعة بأعمدته الخشبية المنحوتة. ارتبطت المدينة بعلماء بارزين مثل الخوارزمي والبيروني، مما جعلها مركزًا ثقافيًا وعلميًا عبر العصور.
ويبرز مجمع “أردا خيوة” السياحي، الذي افتتح في خريف 2024 بمبادرة من الرئيس الأوزبكي شوكت ميرضيائيف، كنسخة مصغرة تحاكي سحر خيوة التاريخية. يقع بالقرب من بحيرة جوفيك كولي، التي كانت مصدر الطين لبناء معالم إيتشان كالا، ويمتد على مساحة واسعة تضم قنوات مائية تتيح التجول بالجندول، مما يمنحه لقب “البندقية الشرقية”. يضم المجمع نسخًا طبق الأصل لمعالم مثل مئذنة كالتا مينور، إلى جانب النصب التذكاري المعماري شودرا هوفلي، وهو قصر ريفي يعود لعام 1871، بتصميمه الفريد من خمسة طوابق وأبراج من الطوب الطيني، مزود بمصعد لإطلالة خلابة.
سياحيًا، يقدم المجمع تجربة شاملة تجمع بين الترفيه والثقافة. يضم خمسة فنادق حديثة و13 بيت ضيافة بسعة 1080 زائرًا، وحدائق مائية داخلية وخارجية تتسع لـ4000 شخص، وملاعب للدراجات المائية. كما يحتضن ورشًا حرفية تعرض فنون النقش على الخشب، الفخار، والتطريز بالذهب، وبيت المجوهرات الذي يعكس تراث خيوة في صناعة المجوهرات منذ العصور الوسطى. يمكن للزوار زيارة متحف تاريخ كوهنا أورجينتش لاستكشاف الثقافة الخوارزمية، أو تذوق المأكولات الأوزبكية التقليدية مثل البلَو في مطاعم المجمع.
لعشاق الترفيه، يوفر المجمع مدرجًا يتسع لـ3000 شخص، ومسرحًا للفعاليات الثقافية، ونافورة موسيقية، إلى جانب دور سينما تعرض الأفلام المحلية والعالمية، مما يجعل “أردا خيوة” وجهة مثالية للعائلات، عشاق التاريخ، ومحبي المغامرات.
اختيرت خيوة عاصمة السياحة الإسلامية لعام 2024 من قبل منظمة التعاون الإسلامي، تقديرًا لتراثها الإسلامي العريق ودورها كمركز ثقافي وروحي على طريق الحرير. تحتضن المدينة معالم دينية بارزة مثل جامع الجمعة ومدرسة محمد أمين خان، التي تعكس الفن المعماري الإسلامي بزخارفها الرائعة وتصاميمها الفريدة. استضافت خيوة خلال هذا العام فعاليات ثقافية ومهرجانات دولية، مثل مهرجانات الفنون التقليدية والمعارض الإسلامية، التي جذبت زوارًا من العالم الإسلامي وخارجه، مما عزز مكانتها كوجهة سياحية دينية وثقافية. يسهم مجمع “أردا خيوة” في دعم هذا اللقب من خلال تقديم تجربة سياحية متكاملة تبرز الإرث الإسلامي بأسلوب عصري، مع الحفاظ على الطابع الروحي والتاريخي للمدينة.
حيث تسعى أوزبكستان، بقيادة لجنة السياحة، إلى ترسيخ مكانتها كوجهة سياحية عالمية من خلال مشاريع طموحة مثل “أردا خيوة”. تعمل اللجنة على تعزيز التراث الثقافي والتاريخي عبر تطوير البنية التحتية السياحية، وتوفير تجارب متكاملة تمزج الأصالة بالحداثة. من خلال استثمارات في الفنادق، المرافق الترفيهية، والفعاليات الثقافية، تساهم اللجنة في جذب ملايين السياح سنويًا، مع الحفاظ على التراث الخوارزمي وتقديمه بطريقة مبتكرة، مما يعزز مكانة أوزبكستان على خارطة السياحة العالمية.
اترك تعليقاً