في ذكرى المرشد والمعلم الكبير الكابتن فاروق عبد الله حمزة رحمه الله

بقلم: كاظم فنجان الحمامي
كانت لهذا الرجل مواقف قيادية وتدريبية رائدة لا يمكن تجاهلها، ولا يمكن نسيانها في مضمار الملاحة بين منعطفات شط العرب، ويعود له الفضل الكبير في تدريب وتأهيل عشرات المرشدين البحريين الذين استحقوا شرف العمل في هذا المهنة المحفوفة بالمخاطر، وكنت أنا شخصيا من بين تلاميذه في مرحلة التدريب العملي على ظهر اليخت الملكي القديم (عالية)، والذي أصبح اسمه (ثورة) بعد عام ١٩٥٨. .
كان الكابتن فاروق يعشق مهنته، ويلتصق قلبا وروحا بأدق تفاصيلها. ولست مغاليا اذا قلت انه كان يحفظ ملامح شط العرب في ذاكرته خطوة خطوة، ويحفظ تقلبات التيارات النهرية، وتوقيتاتها، ومواعيد الاجتياز واللحاق، وله اهتماماته الخاصة بنظام عبور السفن المحرجة بغاطسها في منطقة السد الخارجي ومدخل الفاو.
تميز بخطه الانيق باللغتين العربية والانجليزية، وتميز بقدراته الفنية الفريدة في رسم الخرائط الملاحية بمنتهى الدقة.
كان ودوداً طيباً رقيقاً، متسامحا مع الصغير والكبير، وعلى اتم الاستعداد لتقديم المساعدة لمن يطلبها، حتى حاز على لقب (حبوبي) بجدارة واستحقاق، فالكل ينادونه (فاروق حبوبي). .
ينتسب كابتن (فاروق) الى أسرة عربية أصيلة توارثت الملاحة عبر عشرات الأجيال، فوالده هو الكابتن الأقدم في عموم الموانئ العراقية (الحاج عبد الله حمزة)، وابن عمه مدير الشؤون البحرية (الكابتن جاسم محمد حمزة)، وابن عمه الاخر كبير ربابنة المرفأ في الموانئ النفطية (الكابتن طارق محمد حمزة). .
لكن الاقدار كانت له بالمرصاد، فرحل على عجل في حادث مؤسف على ظهر سفينة كان يقودها في خور عبد الله، حيث سقط في الماء متأثرا بحروقه، وواصل العوم والسباحة لأكثر من ساعة حتى وصول زوارق القوة البحرية، التي هرعت لنجدته، فانتشلوه وكان على قيد الحياة، لكن قلبه توقف فجأة بسبب الارهاق وهول الصدمة، فخسرت الموانئ العراقية رمزا شامخا من رموزها. .
يزيدني شرفا ان اكون من تلاميذه الذين تعلموا منه الف باء المناورة في القنوات الضيقة والمياه الضحلة، وقد حالفني الحظ في جمع وترتيب كل ما تعلمته منه في كتابي الموسوم (اساسيات الإرشاد البحري في الممرات الملاحية العراقية). .
رحمك الله يا ابا فؤاد، رحمك الله يا كابتن (فاروق حبوبي) وتغمدك الرحمن بواسع جناته. .
اترك تعليقاً