مشاريع الاستثمار في إطار منظمة شنغهاي للتعاون في أوزبكستان: من الصناعة إلى السياحة

في السنوات الأخيرة، برزت أوزبكستان كواحدة من أكثر الاقتصادات تطورًا ديناميكية ضمن منظمة شنغهاي للتعاون. لم تصبح البلاد مجرد مشارك نشط في التدفقات التجارية، بل أصبحت أيضًا منصة رئيسية لتنفيذ المبادرات الاستثمارية الكبرى. إن موقعها الجغرافي الاستراتيجي، والاستقرار السياسي، والإصلاحات الشاملة، والبيئة الاستثمارية المواتية تضمن تدفقًا مستمرًا لرؤوس الأموال من جميع دول الأعضاء في المنظمة.
بحلول نهاية عام 2024، بلغ حجم التجارة الخارجية لأوزبكستان مع دول منظمة شنغهاي 32.5 مليار دولار أمريكي، بزيادة قدرها 1.4% مقارنة بالعام السابق. وفي الفترة من يناير إلى يوليو 2025، ارتفع هذا الرقم بنسبة 15%، ليصل إلى 20.8 مليار دولار، منها 5.7 مليار دولار صادرات و15.1 مليار دولار واردات. يعكس هذا النمو ليس فقط زيادة في حجم التجارة، بل أيضًا تكاملًا أعمق مع الشركاء الرئيسيين.
توسع الحضور الاستثماري
تُظهر ديناميكيات الاستثمار أهمية لا تقل عن ذلك. منذ بداية عام 2025، تم تأسيس أكثر من 1300 شركة جديدة بمشاركة دول الأعضاء في منظمة شنغهاي، مما رفع العدد الإجمالي إلى أكثر من 9900 شركة، بزيادة قدرها 15% منذ بداية العام. وتُعد الزيادة في الشركات ذات الملكية الأجنبية بنسبة 100%، والتي تجاوزت 18%، دليلاً على ثقة المستثمرين في النظام القانوني في أوزبكستان واستعدادهم لتطوير الأعمال بشكل مستقل أو من خلال مشاريع مشتركة.
تظل روسيا والصين أكبر مصادر الاستثمار. تتصدر موسكو تقليديًا في قطاعات الصناعة، والطاقة، والمعادن، والهندسة الميكانيكية، مع تقدم في التقنيات الرقمية. بينما تعمل بكين كمحرك رئيسي للابتكار، حيث تستثمر بقوة في تكنولوجيا المعلومات، والطاقة الخضراء، ومشاريع النقل. وقد تجاوز حجم الاستثمارات الصينية التراكمية 60 مليار دولار، تشمل تصنيع السيارات وإنتاج المركبات الكهربائية المشتركة. من جانبها، تعزز الشركات الروسية مواقعها في النفط والغاز، والآلات، والتعليم، مما يخلق أساسًا مستدامًا للتعاون طويل الأمد.
تحتل كازاخستان مكانة خاصة بفضل التدفقات الاستثمارية المتبادلة: يعمل أكثر من 1100 شركة مملوكة لكازاخستان في أوزبكستان، بينما توسع الشركات الأوزبكية حضورها في كازاخستان. يشكل هذا النموذج المتبادل فضاءً اقتصاديًا مشتركًا، خاصة في اللوجستيات والتكنولوجيا الرقمية. تساهم بيلاروسيا وطاجيكستان وقيرغيزستان بحجم استثماري أقل، لكن دورها في الهندسة الميكانيكية، والطاقة، والتجارة، والخدمات يبقى مهمًا. في الوقت نفسه، توسع إيران والهند حضورهما في الصناعة، والصيدلة، والتكنولوجيا العالية، بينما تستثمر باكستان في المنسوجات، والزراعة، والتجارة. تشكل هذه المجالات التكميلية معًا مشهدًا استثماريًا متنوعًا.
محور جديد: السياحة
إلى جانب الصناعة والطاقة، برزت السياحة كمحور جديد للتعاون. تستثمر دول منظمة شنغهاي في الفنادق، والمجمعات السياحية، والبنية التحتية للنقل. يتحول التراث التاريخي والثقافي الغني لأوزبكستان إلى محرك جديد للنمو الاقتصادي. يمتلك تطوير التجمعات السياحية في سمرقند وبخارى وخيوة القدرة على جذب ملايين المسافرين، وتحقيق إيرادات على المدى الطويل تقارب تلك الناتجة عن القطاع الصناعي.
الخلاصة
تُظهر التجربة الحديثة أن استثمارات دول منظمة شنغهاي تشمل تقريبًا كل قطاع من اقتصاد أوزبكستان—من الصناعات الثقيلة والآلات إلى الصيدلة، والتقنيات الرقمية، والسياحة. توفر روسيا أساسًا صناعيًا متينًا، بينما تدفع الصين الابتكار، وتعزز كازاخستان مشاريع اللوجستيات والتكنولوجيا الرقمية، في حين تبني الدول الأخرى مواقعها في الطاقة، والزراعة، والخدمات.
الخلاصة الرئيسية واضحة: تبرز أوزبكستان كجسر اقتصادي بين الشرق والغرب، وتُعد الشراكة ضمن منظمة شنغهاي ضمانًا استراتيجيًا للتنمية المستدامة، ممهدة الطريق لتنويع القطاعات، ونمو الشركات، وتوسيع الإمكانات التكنولوجية.
اترك تعليقاً