من تاريخ القوة البحرية العراقية / الجزء الرابع
بقلم: كاظم فنجان الحمامي
استكمالا لما ورد في الاجزاء السابقة، أدركت الإمبراطورية العثمانية اهمية العودة إلى تعزيز سلطتها المركزية في خليج البصرة، فبذلت قصارى جهودها لتوسيع نشاطات اسطولها هناك، إضافة إلى دعمه بجيوش برية تتمركز في النقاط الساحلية على إمتداد الساحل العربي (من البصرة إلى البحرين)، وعلى هذا الأساس أعد الباب العالي خطته لإصلاح قواعده البحرية في البصرة اعتبارا من النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وذلك من أجل ضمان الأمن البحري والنهري، وحماية قوافل السفن التجارية، وسارع الباب العالي في الوقت نفسه إلى إتخاذ الخطوات الجادة لتحديث حوض بناء السفن في البصرة (في منطقة الداكير بالعشار). .
بدأت الخطوة الأولى لتنفيذ ذلك المشروع عام 1847 عندما تم إرسال ضابطين بحريين من (ترساني عمير) إلى البصرة لإعداد دراسة تفصيلية تتضمن مراحل إصلاح المنطقة البحرية في البصرة، وتحديد المتطلبات التعبوية لتعزيز قوة الدفاعات الساحلية، التي يفترض ان تكون مؤهلة لصد هجمات السفن الحربية البريطانية، وتطلعاتها التوسعية المتوقعة في المنطقة، خصوصا بعدما أصبحت لبريطانيا قواعد قوية جداً في شبه القارة الهندية وبحر العرب وخليج عمان. .
الأمر الذي جعل الباب العالي يبدي اهتماما كبيراً باسطوله الحربي في البصرة، فقرر عام 1850 نقل خدمات العميد المهندس البحري (بير باي) من (ترساني عمير) إلى البصرة، ثم قرر بعد عامين نقل خدمات العميد المهندس البحري (حسين باي)، ونقل الضباط والمهندسين والفنيين المتخصصين في بناء السفن إلى البصرة، وكان إرسال الأدميرالات والأشخاص المدربين تدريباً عالياً في مجالات التقنيات البحرية إلى البصرة مؤشراً على الأهمية التي يوليها الباب العالي لهذا المشروع الاستراتيجي. ومع ذلك، وربما بسبب المشاكل التي حدثت في توريد المواد، والظروف المادية والجغرافية التي عصفت بالمنطقة، وبعض المشاكل الأخرى الناشئة عن عدم وجود عدد كاف من الجنود في حوض بناء السفن، لم تأخذ الخطوات المطلوبة طريقها إلى التنفيذ، وظلت سفن حربية كثيرة بلا صيانة. وبات من الصعب بناء سفن حربية جديدة. ولم تتحقق فكرة شراء السفن من أوروبا للعمل في خليج البصرة، من هنا جاء قرار ارسال سفينتين حربيتين من إسطنبول إلى البصرة عبر البحر الابيض المتوسط، ومضيق جبل طارق، والالتفاف حول رأس الرجاء الصالح، وصولا إلى البصرة، ولزيادة الاطلاع حول تفاصيل هذا الموضوع: انظر كتاب ابو بكر جيلان (الأصول العثمانية للعراق الحديث: الإصلاح السياسي والتحديث والتنمية في الشرق الأوسط في القرن التاسع عشر)، آي. توريس، لندن 2011، ص. 12-219 ؛ جوخان سيتينسايا، العثماني. ونرفق لكم صورة لغلاف الكتاب المشار اليه هنا لزيادة الاطلاع. .
وسوف نواصل سردنا لمراحل تاريخ قوتنا البحرية في الاجزاء اللاحقة ان شاء الله. .