قانون بين التجريم والتكميم!!!
د.سيف السعدي
قانون جرائم المعلوماتية فيه الغام كثيرة وقابل للتأويل، ويتماشى مع رغبات صاحب النفوذ السياسي ضد الإعلامي، والصحفي، والكاتب، والمدون، والناشط، والناقد، والمحلل…الخ
هذا القانون يتكون من (٣١) مادة، منها (٢٣) مادة تتحدث عن احكام عقابية، و (٣) مواد تتحدث عن إجراءات جمع الأدلة والتحقيق والمحاكمة، و (٥) مواد تتحدث عن احكام عامة وختاميه.
عن طريق مراجعتي لهذا القانون وبتروي وجدت انه يتعارض مع احكام المادة ٣٨ من الدستور العراقي، ويعتبر مكمم للافواه، وضد حرية الرأي والتعبير ويتماهى مع رغبات صاحب النفوذ، على سبيل المثال المادة (٣) اولاً: يعاقب بالسجن المؤبد وبغرامة مالية لا تقل عن (٢٥،٠٠٠،٠٠٠) ولا تزيد عن (٥٠،٠٠٠،٠٠٠) كل من استخدم عمداً اجهزة الحاسوب وشبكة المعلومات بقصد ارتكاب احد الافعال الاتية:
أ- المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامتها او مصالحها الاقتصادية او السياسية او العسكرية او الامنية العليا!!!
وحدها كلمة المساس او التعرض قابلة للتأويل وهذا يعني تقييد حرية الرأي والتعبير ضد كل من ينتقد النظام السياسي، او المؤسسات العسكرية او الامنية لغرض التصحيح لانه سيتعرض لمثل هذه العقوبات غير المنطقية.
كذلك نفس هذه المادة في البند الاول ب- الاشتراك او التفاوض او الترويج او التعاقد او التعامل مع جهة معادية بأي شكل من الاشكال بقصد زعزعة الامن والنظام العام او تعريض البلاد للخطر!!!. هذه المادة لا تنطبق على المواطن العادي وانما على جهات لها نفوذ كبير في الدولة وهنا كمن يسن سنة ويكتوي بنارها!!!.
ضمن مشروع هذا القانون المادة (٦) تنص على “يعاقب بالسجن المؤبد او المؤقت وبغرامة مالية لا تقل عن (٢٥،٠٠٠،٠٠٠) مليون دينار ولا تزيد عن (٥٠،٠٠٠،٠٠٠) مليون دينار كل من استخدم اجهزة الحاسوب وشبكة المعلومات بقصد ارتكاب احدى الافعال الاتية:
اولاً: اثارة العصيان المسلح أو التهديد أو الترويج له أو اثارة النعرات الطائفية أو المذهبية أو الفتن أو تكدير الأمن والنظام العام أو الإساءة لسمعة البلاد”!!!!! هذه المادة يروم المشرع الدخول بنوايا القائم بالعمل، فضلا عن شمول اي اعمال اخرى ضمن عبارة الاساءة لسمعة البلد ويحولها من بند النقد الذي كفله الدستور والتشريعات الصحفية، لبند هذه المادة ما يتوافق مع مصالح الشخص الفاعل السياسي، او اي جهة يكون لها نفوذ، بقصد تقييد التعبير عن الرأي، والمشكلة تكمن في مطاطية مواد هذا القانون، بمعنى ادق مواده فيه حمالة اوجه.
المادة (١٣) ضمن مشروع هذا القانون البند ثالثاً: يعاقب بغرامة مالية لا تقل عن (٣٠،٠٠٠،٠٠٠) مليون دينار ولا تزيد على (٥٠،٠٠٠،٠٠٠) مليون دينار كل من امتنع عن تزويد الجهات الأمنية والجهات المختصة بمنح التراخيص بما تطلبه من تقارير ومعلومات واحصاءات وبيانات وسجلات او اوراق تجارية ومالية الكترونية وبرامج أو اية مخرجات إلكترونية اخرى!!!!!. وهذا البند يتعارض مع الخصوصية والملكية الفردية والفكرية.
المادة (١٤) من مشروع قانون الجرائم المعلوماتية البند ثالثاً: يعاقب بالحبس مدة لاتزيد على (٣) اشهر أو بغرامة مالية لا تقل عن (٢٠،٠٠٠،٠٠٠) مليون دينار ولاتزيد عن (٥٠،٠٠٠،٠٠٠) مليون دينار كل من :
ب- تطفل أو ازعج أو اتصل بمستخدمي اجهزة الحاسوب وشبكة المعلومات بدون تصريح او اعاق استخدامها من منتفعيها!!!. وهنا في هذه الفقرة لايوجد شيء من انذار او تنبيه ⚠️ او نص، وهل يستحق التطفل او الازعاج كل هذه الغرامات والعقوبات لان ليس من المنطق مطلقاً.
ايضاً المادة (١٥) تتحدث عن الحبس او الغرامة المالية (١٠،٠٠٠،٠٠٠) مليون دينار ولا تزيد عن (١٥،٠٠٠،٠٠٠) مليون دينار كل من:
أ- تجاوز عمدا نطاق التصريح المخول به أو اعتراض أية معلومات خلال عملية تبادلها!!!!. فقرة مطاطية، غير واضحة المعالم، ولا تستحق كل هذه العقوبات او الغرامات المالية.
كذلك المادة (١٨) تنص على “يعاقب بالحبس أو غرامة مالية لا تقل عن (٥،٠٠٠،٠٠٠) ملايين دينار ولا تزيد عن (١٠،٠٠٠،٠٠٠) ملايين دينار كل من:
ب- امتنع عن تقديم معلومات أو بيانات إلى السلطات القضائية أو الادارية!!!. هذا ايضا يتعارض مع الحرية الشخصية، والملكية الفكرية، ولا يمكن اجبار اي شخص على تقديم معلومات، اين الخصوصية بالحفاظ على مصدر المعلومة؟
مشروع هذا القانون يتعارض مع حرية الرأي والتعبير، والملكية الفكرية، ويهدف إلى وضع قيود ومعرقلات، وعوارض امام ابداء الرأي، او ما يندرج ضمن النقد البناء لغرض تصحيح المسار، والغاية واضحة هو تكميم الافواه.