الانقلاب البعثي الناعم على حكومة الشيعة باستغلال جشع وغباء المسؤول الشيعي بعد انتصار الحشد على داعش
ضياء ابو معارج الدراجي
عندما نراجع الأحداث بعد 9 نيسان 2003 وسقوط صنم الرعب الصدامي وسطوة بعثه القمعي هرب من هرب من ازلامه خارج البلد وبالمصطلح البعثي (خارج القطر) بينما تقمص من بقي في العراق من البعثية الشيعة دور شيخ العشيرة أو وجيه عشائري أو مصلح اجتماعي بالزي العربي وأنظم بعضهم إلى حمايات قادة المعارضة الشيعية العائدين من الخارج بحكم القرابة والمصاهرات العائلية.
أما البعثي السني منهم فقط انظم إلى التنظيمات الإرهابية المتعددة التي كانت مصدر التفجيرات بأنواعها من العبوات والأحزمة الناسفة إلى المفخخات والسيطرات الوهمية ومنهم من عمل ضمن حمايات المسؤولين السنة بعد 2003 ومنهم من انظم إلى تنظيمات شيعية وسنية مسلحة منها تحت سيطرة الحكومة ومنها خارج سيطرتها.
وبكل حالاتهم أعلاه كانوا سبب من اسباب خراب البلاد والتدهور الأمني والاغتيالات والمعارك الطائفية والفساد المالي والإداري و سرقة المال العام وتعطيل عجلة البناء والإعمار رغم جهود المؤسسات الحكومية التي كانت تخرجهم من مصادر القرار وتمنعهم من العودة لكنهم كانوا يخرجون من الباب ويعودون من الشباك بسبب بعض المسؤولين الشيعة بحكم القرابة أو بحكم قدرتهم على نهب المال العام لصالح ذلك المسؤول بدون أن يتعرض للمساءلة القانونية لما لديهم من خبرات متراكمة بالسرقات ونهب المال العام ايام حكمهم البعثي قبل 2003 وتبوبها بشكل لا يمكن كشفه.
قد نحتاج إلى مثال عن كيفية عودة البعثية والقتلة بطرق ملتوية إلى مفاصل الدولة والمؤسسات الحكومية وخصوصا وزارة التعليم العالي و وزارة الخارجية وغيرها من وزارات الدولة التي لها تأثير مباشر على سياسة الدولة وأمنها مثل الداخلية والدفاع.
حيث استطاع المشرع العراقي بقانون المسألة والعدالة(اجتثات البعث) أن يمنع إعادة المئات من ضباط الجيش السابق إلى الخدمة من كبار البعثية و الأجهزة القمعية مثل المخابرات والأمن الخاص والعام وفدائيو صدام بينما تغافلت عنهم عندما فتح لهم وزير التعليم العالي السني باب اكمال دراستهم العليا في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ليعودوا كاساتذة يدرسون ابنائنا من جديد افكار بعثهم المنهزم ويمجدون لنظامهم البائد في كليات ومعاهد البلد وخصوصا في المحافظات الغربية التي لا تزال تحن لحكم البعث السني وتصر على أن صدام وعشيرته ابطال وشهداء مقدسون.
لم يستطع البعثيون القدامى الاستمرار في مواجهة قوانين الدولة الجديدة كون كل بياناتهم مسجلة في قواعد البيانات التي كان نظام صدام قد تركها خلفه بعد هروبه وكانت سبب ازاحتهم من المناصب السيادية ومنعهم من الترشيح كأعضاء لمجلس النواب أو المحافظات لكن للاسف هذه الازاحات لم تشمل مستشاري الساسة والبرلمانين والحمايات لأنهم كانوا يعملون معهم بعقود مالية غير مسجلة في بيانات الدولة ويتواجدون يوميا قرب مصادر القرار السياسي والعسكري ويؤثرون عليها ويسربون المعلومات لصالح الأعداء من ارهابي الداخل والدول المجاورة.
وكانت النتيجة والحصيلة النهائية سقوط الموصل والمناطق الغربية بيد داعش الوهابي البعثي و محاولة احتلال العراق أو تقسيمه إلى دوليات طائفية لكن دور فتوى الجهاد الكفائي حطمت كل آمالهم وكشف البعث الداعشي بعد خسارته أمام جنود الله الشيعة أنه لا سبيل للنصر على الحكومة الشيعية إلى أن يتغلغلوا إلى مفاصل الدولة والمواقع الحساسة بعنوان الخبرة والاختصاص والمهنية، لكن هناك عائق خطير يمنعهم من تنفيذ تلك الخطة وهو أن لديهم قيود بعثية وقمعية مسجلة في هيئة المساءلة والعدالة تمنعهم من العود فكان لا بد لهم أن يعدوا أولادهم واخوتهم ممن لم يكن له قيد بعثي أو قمعي أو جنائي لهذه المهمة كونهم كانوا صغارا في العمر لحظة سقوط صنمهم صدام وسهلوا لهم طرق حصولهم على الشهادات العليا والوظائف العليا ليتحكموا من جديد بالبلد حيث سهلت لهم حكومة العبادي تلك المهمة بعلم أو دون علم وبعد عشر سنوات من داعش تغلغل البعثية الجدد بشهادتهم العليا إلى مؤسسات الدولة واصبحوا الرجل الثاني بعد المدير الشيعي لكن للاسف أصبح بيدهم كل الصلاحيات التي منحها لهم ذلك المدير حتى يتمتع بحياته ويقلل من زخم العمل عليه ومنح الثقة لمساعده أو معاونه الذي يملك شهادة عليا في مجال اختصاصه زائد عشقه البعث المنحل دون أن يتابعه.
بينما يقوم هذا المساعد أو المعاون بإزاحة ابناء الشهداء والمظلومين الشيعة بزمن النظام البائد و الأوفياء لبلدهم من الاقسام المؤثرة ويستبدلهم بأشخاص تابعين له مؤمنين بالبعث وعودته من جديد وربما سيكون بديلا لمديره في شغل منصبه سبب المرض أو الوفاة أو التقاعد أو أي عارض آخر كما حدث في عدة أجهزة أمنية وخدمية وسيادية خلال الأعوام 2016 وما تلاها إلى يومنا هذا.
و ربما بعد عشر سنوات لن نجد شيعي واحد مديرا عاما أو مدير قسم أو حتى مدير شعبة بينما يتحكم بالبلاد أبناء البعثية الجدد الذين ليس لهم قيود بعثية مسجلة في هيئة المساءلة والعدالة تمكن المنفذ العراقي للقانون من ازاحتهم من مناصبهم ليعود البعث من جديد لقيادة البلاد ويتسلط على رقاب أبنائنا ويقمعهم من جديد بعد أن جهدنا بإسقاط حكمه وقائده الطاغية القاتل قبل 20 عام.
ضياء ابو معارج الدراجي