ترامب بعد ثمانية عشر يوماً بين العراق و سوريا وايران
ضياء أبو معارج الدراجي
كم أشفق على الذين يعتقدون أن ترامب سوف يغير النظام السياسي في العراق لصالحهم عام 2025 كما فعلها بوش في عام 2003 بإسقاطه نظام صدام عسكريا.
وهذا لن يحدث مطلقا؛ لأنها مجرد أمنيات في عقول الحالمين بها؛ حيث إن أمريكا تستفيد من تجاربها السابقة؛ لأن أعوام 2011 و 2021 كانت محددات للأغلبية المسيطرة في العراق وأفغانستان عند انسحاب القوات الأمريكية من البلدين، رغم اختلاف التوجهات هنا وهناك، سيطرت طالبان على أفغانستان دون منافس بعد أن كانت خارج السلطة بوجود الأمريكان، بينما أحداث عام 2014 في العراق لإعادة السيطرة بالقوة لمن فقط السلطة بعد 2003 أكدت تماما أن الأغلبية الشيعية الحاكمة قادرة على ضبط الإيقاع العراقي وحدها دون مساعدة أمريكا باختيارها الجمهورية الإيرانية كحليف عسكري لها، وهي لن ترضى مجددا بتسلط آخرين عليهم بعد انتصارها بفتوى وحشد على داعش الوهابي، كما أن طلب عودة القوات الأمريكية إلى العراق عام 2016 كان بطلب الأقلية الخاسرة وخنوع الحكومة العراقية وقتها بضغط من محيطهم الإقليمي الرافض لسيطرة الشيعة على العراق بحجة إيران، حيث وضعوا كل من قاتل داعش من شيعة العراق في خانة إيران، حتى وصل بهم الأمر إلى إعلان داعش صنيعة إيرانية، رغم أنها معروفة التوجهات والمنشأ، وكل عناصرها من مذهب لا يؤمنون بعقائد المذهب الشيعي الذي تتبعه إيران ومرشدها الأعلى والعراق ومرجعياته الدينية. أما سوريا فلا تزال في شهر العسل لحد الآن، ولم تفق بعد من صدمة سقوط بشار، وما ينتظرها هو سيناريو العراق خلال الأعوام ما بين 2005 و 2008، وربما مواقع التواصل الاجتماعي سوف تساهم في إشعال الفتيل الطائفية بأقرب فرصة، والتي كان يفتقر لها العراق في ذلك الوقت.
الحكومة السورية الحالية تحاول أن تسترضي العراق وإيران من أجل النفط والتجارة؛ لأن 90% من مواردها النفطية تحت سيطرة قوات قسد الكردية، والتي ترفض مشاركتها مع الجولاني، وتسعى لتشكيل دولتها المستقلة بما لديها من موارد نفطية بعيدا عن مكونات سوريا الأخرى، كما أن العالم الغربي الذي يدعم الجولاني حاليا يرفض تماما دعم أي حكم إسلامي في سوريا، وهذا ما سوف يسبب انقساما جديدا بين الفصائل المسلحة التي يقودها الجولاني ما بين مؤيد ورافض، وربما يؤدي ذلك إلى حدوث اقتتال داخلي بينها اذما انصاع الجولاني لما تطلبه القوة الغربية أو فقدان الدعم الغربي له إذا انصاع لطلبات الفصائل المسلحة التي ساعدته على إسقاط الأسد، بالإضافة إلى احتمال اندلاع القتال المسلح بينه وبين قسد الكردية من أجل الموارد والثروات النفطية وبينه وبين الأقليات المذهبية الأخرى التي تريد حماية شعوبها من البطش الوهابي والتصفيات الجسدية على الهوية والمذهبية التي تقوم بها حاليا عناصر الجولاني.
أما إيران و منشآتها النووية، فلن تكون هدفا عسكريا لأمريكا أو إسرائيل؛ لأن التفاوض الأمريكي مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية هو دلالة واضحة لعدم قدرتها على اكتشاف أو ضرب قدرات إيران النووية والاقتصادية والنفطية؛ كذلك أنها تعرف ردة الفعل الإيرانية التي سوف تهدد كل المصالح الغربية في المنطقة والخليج.
ضياء أبو معارج الدراجي