أوقفوا تعطيب العقول
أوقفوا تعطيب العقول…
… محمد شفيق
مئات القنوات الآف الوكالات عشرات المنتديات, تبث على مدار الساعة مختلف الأخبار السياسية والأمنية والإقتصادية والثقافية والرياضة والمنوعة, نعم لكم الحق لم نقل شيئاً , افعلوا ما شئتم , لم نعترض, تناقلوا ما يعجبكم, لكن بشرط ان تكون الحقيقة كما هي أو حتى نصفها, ولكنكم فشلتم حتى في الكذب والتزييف , تخدعون انفسكم في نبأ عار عن الصحة ينشره موقع أخر بشكل أخر.
إلى متى هذا التزييف في الحقائق والنشر أعطبتم عقول الرأي العام حتى باتت مؤسساتكم الاعلامية والصحف والمواقع الالكترونية بيئة طادرة نحو فضاء الاعلام الغربي, وبسبكم رفعنا شعار “نقرأ ولا نشاهد”, نسمع ولانصدق.
ان عصر تزييف الحقائق اخذ بتشويه سمعة الاعلام والصحافة خدمة لاجندات خارجية , وبدء يأخذ منحنى خطير, حيث أحدث الفوتو شوب ثورة في عملية قلب المعادلة للناشر وهو ما أسهم في السيطرة على العقول وإقتيادها نحو وادي الكذب المستمر.
ويلعب التضليل الإعلامي دوراً بارزاً في التأثير على النفوس, فمثلاً أثناء الحروب نجد إن الجيش في الطرف الأخر ينشر صوراً حقيقية لتدمير ناقلة جنود حقيقة “واسر جميع أفراد طاقمها”, وفي الحقيقة هو دمر فعلاً الناقلة لكن الجيش في الطرف الأخر إستطاع إخلاء جنوده, والغاية من ذلك عزيزي القارئ هو تخويف الجنود وإرعابهم من المواجهة المسلحة.
وفي عام 2003, عندما شنت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة حربها على العراق, أرسلت طائرة B52 العملاقة قادمة من بريطانيا تحيط بها مجموعة من الطائرات الصغرة مدعية ان هاذه الطائرة ذات قوة تدميرية مهولة وإنها ستحسم الحرب خلال أيام وان دفاعات الجيش العراقي لن تستطيع الصمود أمامها, وفي الحقيقة ان الطائرة هذه رغم قوتها الضارية إلا انها لا تستخدم لغير قصف الأهداف الإستراتيجية وذلك لقوة وثقل حجم القنابل التي تحملها, إضافة لسعرها الباهض, ومن غير المعقول رميها على مضاد للطائرات لا يتجاوز ثمنه عشرات الدولارات.
ومع إنتشار الحاسوب في جميع المنازل, معززة ببرامج التصميم والطباعة, باتت الشائعة بسيطة التداولة على شبكات الانترنيت التي تغطي مساحة جغرافية واسعة من الأرض, والتي يتلقاها ملايين الأشخاص في ثوانٍ, ودقائق, وبشكلٍ يومي.
آما العراق, فحاله لا يُرضي أفعاله, قنوات تدعم الحكومة, وأخرى تهاجمها, وأخرى توقع بين قناة وأخرى, والمواطن بين تلك الأحداث مشوش الفكر والتفكير, حتى وصل الحال به إلى الإستماع لإذاعات الطرف الأخر, وتصفح مواقعه, ومثل على ذلك وكالة أعماق الإخبارية التابعة لأحد التنظيمات الإرهابية, والتي لاقت مقاطعها الفيديوية على موقع يوتيوب مشاهدات عالية وذلك لتوحدها في سياسة واحدة, عكس اذاعات العراق وقنواته فكل يغني على ليلاه.
اما الأخطر و الادهى من ذلك كله، فهو الاعلام ذو الأجندات، الاعلام المّمول و المشبوه، و المرتبط فعلاً و قولاً، و هو اعلام لا يتورع عن ايقاظ الفتن في المنطقة العربية و بين شعوبها, وما حدث في سوريا ومصر واليمن والبحرين وليبيا خير دليل على ذلك.
لذى على جامعة الدول العربية إن كانت عربية , ان تعقد إجتماعاً عاجلاً للتصدي للإعلام الأسود والصحف الصفراء , ووضع استراتيجية جديدة للإعلام العربي وصحفه, خاصة في الوقت الحالي , وعلى العراق ان يقود مرحلة اصلاح السلطة الرابعة لكونه يتسيد منصب رئيس إتحاد الصحفيين العرب, ولهذا المنصب دور كبير في احداث الأثر المنشود.