التسول والعمالة الأجنبية وجهان لعملة واحدة ؟

نورا المرشدي
في السنوات الأخيرة، برزت ظاهرتان مقلقتان في المشهد العراقي: تصاعد حالات التسول في الشوارع، وتزايد العمالة الأجنبية غير النظامية. وعلى الرغم من أن كلا الظاهرتين تبدوان منفصلتين للوهلة الأولى، إلا أن الواقع يشير إلى تقاطعات عديدة تربط بينهما، في ظل غياب الرقابة، وضعف القوانين، واستغلال الحاجات الإنسانية لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
التسول لم يعد يقتصر على المواطنين الفقراء أو المحتاجين الحقيقيين، بل بات ضمن شبكات منظمة تديرها جهات تستغل النساء والأطفال وحتى الأجانب، وتستغل تعاطف الشارع العراقي لتحقيق أرباح كبيرة دون محاسبة.
أما العمالة الأجنبية، فقد تسرب الكثير منها إلى الداخل العراقي بطرق غير قانونية، ليُزجّ بها في أعمال هامشية أو حتى في أنشطة غير مشروعة، بينها التسول الإجباري، والتجارة بالبشر، والاستغلال القسري. وغالبًا ما تكون هذه العمالة ضحية للوسطاء أو تجار البشر الذين ينقلونهم من بلدان فقيرة إلى العراق بوعد العمل، ثم يزجون بهم في أوضاع مأساوية.
غياب التنسيق بين الأجهزة الأمنية، وعدم تفعيل قوانين العمل والإقامة، وضعف الرقابة المجتمعية ساهم في تفاقم هذه الظواهر، حتى باتت تُهدد النسيج الاجتماعي، وتؤثر على سمعة البلاد من جهة، وتزيد من معاناة الفئات الهشة من جهة أخرى.
إن معالجة هذه الظواهر تتطلب رؤية حكومية متكاملة تبدأ من ضبط الحدود، وتنظيم العمالة الأجنبية وفق الأطر القانونية، وملاحقة شبكات التسول المنظمة، إلى جانب تعزيز الوعي المجتمعي، وتفعيل دور الإعلام في كشف هذه الممارسات ووقفها.
اترك تعليقاً