القطاع الزراعي.. المشكلات والسياسات..

علي حسن الفواز
مانعيشه من أزمات اقتصادية يستدعي مواجهة حقيقية، ورؤية واضحة لطبيعة تلك الأزمات، وبالأخص مايتعلق بضرورة تبني سياسات واقعية ولقطاعات كان العراق رائدا فيها، فالحديث عن القطاع الزراعي، يعني الحديث عن مجال مهم جدا، وستراتيجي جدا، لكنه للأسف مهمل، وبعيد عن أي معالجات يمكن أن تُعيده الى مساره الصحيح، والى دوره في تعزيز التنمية الغذائية، والتنمية المالية، لأن مايستورده العراق الآن من البضائع الزراعية يمثل ظاهرة خطيرة تهدد النظام الاقتصادي/ الزراعي وهويته، فضلا عن ما تستهلكه هذه السياسات من الميزانية الوطني..
وزارة الزراعة تقول: إنها ستجعل من العراق بلدا متقدما في انتاج المحاصيل الزراعية، لكنها ترهن هذا المعطى بـ(حال توفير الدعم والحماية للقطاع الزراعي) وهو مايعني الحاجة الى سياسات وخطط وأطر وستراتيجيات وتخصيصات تكفل آليات إنعاش هذا القطاع المهم..
كما أن تأمين دور حقيقي للخبرات والايدي العاملة في القطاع الزراعي يرتبط هو الآخر بإجراءات نظيرة للدعم والإسناد، ومعالجة كل المشكلات التي عانى منها هذا القطاع منذ عقود، لاسيما في مايتعلق بالتخطيط لسدِّ حاجة السوق المحلية من الانتاج الزراعي من جانب، والحد من تضخم ظاهرة الاستيراد العشوائي، والذي بات من أكثر مظاهر التهديد البنيوي للاقتصاد العراقي..
مفهوم الحماية والدعم قد يختلف عند الكثيرين، ليس لطبيعة المرجعيات السياسية والفنية، بل لأن تأهيل القطاع الزراعي ومباشرته بمعالجة الحاجات الوطنية سيكون عامل ضغط على الكثير من مظاهر الفساد، والكثير من السياسات التي تتعمد عدم إنجاع أي خطة وطنية لإعادة الاعتبار للعراق الزراعي ذي الأراضي الخصبة، وللوفرة المائية، وللتنوع في المحاصيل التي يمكن زراعتها في الأرض، لاسيما المحاصيل الغذائية الستراتيجية.
إسناد القطاع الزراعي يعني تهيئة البيئة المناسبة على مستوى تأمين الخبرات المدربة، وعلى مستوى كفاية الري وتقانات السقي الحديثة والبذور المناسبة، وهو مايحتاج الى الخطط والبرامج لإحداث تنمية زراعية تتناسب وحاجات العراق لتحقيق اكتفائه الذاتي اولا، وللتفكير في التصدير من منطلق تعزيز مكانة العراق في هذا الجانب ثانيا، وباتجاه تعظيم موارد الدولة الاقتصادية ثالثا.
تعميق مؤشرات هذا التوجه ينبغي أن ينطلق من سياسات التكامل مع عمل العديد من الوزارات المعنية، والتي من شأنها أن تنعكس على تحسين أداء تهيئة المستلزمات اللوجستية وعلى دربة المزراعين وخبراتهم، وعلى تحسين البيئة والتشجيع على استثمارها، فضلا عن تشجيع الاستثمار في المجال الحيواني، عبر اعتماد سياسات مناسبة، ومشاريع تتمثل فيها جدية الجهات المعنية لمواجهة حاجات العراق من جانب، وحمايته تنمويا من جانب آخر، وربطه بمنظومة البلدان ذات السياسات الزراعية الناجعة.
اترك تعليقاً