نهاية حزب الدعوة في العراق

فاروق يوسف
مثلما انتهى حكم جماعة الاخوان المسلمين في مصر بإرادة شعبية فإن حكم حزب الدعوة الإسلامي في العراق سينتهي في العراق العاجل وبإرادة شعبية أيضا،
ذلك الحزب الذي سعى إلى الوصول إلى السلطة عن طريق القوة منذ عقود فشل في ادارة شؤون الدولة في العراق عبر عشر سنوات، كانت هي العقد الأسوأ سياسيا واقتصاديا وأخلاقيا ومدنيا وأمنيا في تاريخ الدولة العراقية الحديثة.
لقد كشف الدعوة عن إفلاسه السياسي حين حول العراق إلى اقطاعيات يتحكم بمصير أهلها أمراء الأحزاب التي تتقاسم معه مغانم السلطة، وحين همش على أسس طائفية جزءا مهما من العراقيين، وحين فرض على العراق عزلة عن محيطه العربي، وحين تخلى عن ثلث أراضي العراق لتنظيم داعش الارهابي، وحين حول مؤسسات الدولة إلى مراع عائلية، ينعم بخيراتها الأقربون.
وكان من مآثر حزب الدعوة الاقتصادية أنه استطاع من خلال ماكنة فساده أن يحرق حوالي ترليون دولار هي مجموع ايرادات العراق من النفط من غير أن تبنى مدرسة أو مسنشفى أو جامعة أو مكتبة أو مسرح أو مصنع واحد ومن غير أن يُشيد جسر أو تشق وتعبد طريق أو يستعيد العراقيون نعمة الكهرباء أو شرب الماء الصافي ومن غير أن تعاد الحياة إلى شبكات الري المدمرة التي بسبب ما لحق بها من خراب أضحى العراق بلدا لا يزرع. لقد استولى حزب الدعوة على ثروة العراق وصار يوزعها على أعضائه ومناصريه بإعتبارها ارثه الحزبي. ولهذا تربع العراق بسبب حزب الدعوة على عرش الدولة الأكثر فسادا في العالم.
اما على المستوى الامني فقد تحول العراق اثناء السنوات العشر من حكم حزب الدعوة إلى مسرح للجريمة المنظمة، كان الحزب الحاكم يضطلع بدور المنسق لأعمال عصاباتها. لم تكن الحرب الاهلية التي استمرت لسنتين إلا واحدة من صفحات الكتاب الاسود الذي أشرك حزب الدعوة كل الميليشيات المسلحة في كتابة سطوره.
كانت سنوات سوداء عصيبة بالنسبة للعراقيين تلك السنوات التي حلب فيها حزب الدعوة العراق وأن ينعم أعضاؤه ومناصروه ومنافقوه في مختلف أنحاء العالم بالعيش الرغيد على حساب عراقيي الداخل الذين سُلموا إلى الفاقة والعوز والفقر واليأس من غير أن ينفعهم انغماسهم في الشعائر الحسينية في شيء.
قد ينظر الكثير من العراقيين إلى سقوط حزب الدعوة اليوم بيأس، مصدره أن ذلك الحزب الذي دمر العراق سينجو أعضاؤه بالثروات فيما يقف العراق على حافة الإفلاس.
لقد انتهى زمن الترف وعاد الشعب إلى زمن التقشف.
لن يملك عراق اليوم القدرة على أن يطوي صفحة حكم حزب الدعوة إلا إذا استعاد أمواله المنهوبة. وهي أموال لن يكون الوصول إليها يسيرا إلا إذا تمكن العراقيون من بناء دولتهم المدنية التي تستند إلى حكم القانون.
لا شيء في العراق اليوم ينبئ في أن مسألة من ذلك النوع ستكون ممكنة في وقت قريب. فالطاقم السياسي الذي جلبه المحتل الأميركي من أجل الحكم لا يزال يقبض على مفاصل الدولة. أفراد ذلك الطاقم يفكرون اليوم في توزيع تركة حزب الدعوة في ما بينهم. ما يعني اضافة دروب مغلقة جديدة إلى المتاهة العراقية.
وهو ما يمنح فرصة لماكنة الفساد التي يرعاها حزب الدعوة في الاستمرار بالعمل. على الاقل في ما يتعلق بالمخصصات المالية الشهرية التي يتقاضاها أعضاء ذلك الحزب تحت عنوان ‘الخدمة الجهادية’ وهي أموال منهوبة يمكنها أن تنهي عار الفقر إن استعملت بطريقة عادلة.
ولهذا فإن سقوط حزب الدعوة في العراق لا يمكن أن يشكل حلا ما لم يسقط النظام الذي أدى إلى صعوده. وهو ما يجب أن يكون هدفا للعراقيين.
اترك تعليقاً