رؤية تحليلية للمشهد العراقي: مظاهرات “مقتدى الصدر” ..وتدوير زوايا النظام السياسي في العراق!

الحراك الشعبي .. ودخول السيد مقتدى على الخط..!
تحرك سماحة السيد “مقتدى الصدر” ليطغي على جميع المشاريع الأصلاحية والتغييرية، ويعلو على جميع خطوط العرض والطول للحناجر التي بدأت بالهتاف منذ عام 2011 وتعالت وأصبحت ضمن المشهد السياسي العراقي في 31/ تموز/ 2015ومن ساحة التحرير في بغداد وساحات أخرى في المحافظات العراقية. والتي طلبت و تطالب بالأصلاح والبحث عن خارطة طريق تنقذ العراق من الفساد والفشل السياسي والأداري والأمني. علما أن هؤلاء المتظاهرين في ساحة التحرير مقصرين وأنانيين أيضا. لأنهم لم يفرزوا قيادة موحدة لمظاهراتهم لتفرض طلبات المتظاهرين. وبات الكثير منهم يمارس الأزدواجية بحيث ” في الجمعة يتظاهر، وفي الأيام الباقية يُدلّس مع رموز الدولة”. وأيضا لم يكونوا أوفياء لأنهم لم يلتفتوا الى شهداء الحراك العراقي ليرفعوا صورهم أمثال الشهيد “المهدي”. والأكثر ألما عندما أحتكرت مجموعة معينة المشهد وباتت تجامل الدولة والأحزاب والنواب وحتى تجامل رموز الفساد على حساب الشعب والمتظاهرين، وراحت من هناك لتنسج علاقات سرية مع سفارات الدول. فباتت وجوههم محترقة أسوة بوجوه رموز الفساد الحكومي وبوجوه الكثير من الأحزاب الحاكمة.مع الأحترام لجميع التيارات الشبابية والأصلاحية التي نادت وتنادي من أعماقها دون أجندات ذاتية!.
وبالعودة الى موضوعة السيد مقتدى الصدر. فالحقيقة لم نلحظ أن هناك تغيّرا بنهج السيد مقتدى الصدر في موضوعة التعاطي السياسي. بل لا زال مُصرّا أن يجعل (التيار الصدري) عبارة عن سلّم لمن يصعد ليصبح وزيرا وقائدا دون العودة لنضال الناس، وتاريخ الناس، والسيرة الذاتية للناس. من حيث حسن السلوك والخبرات ثم التحصيل العلمي ( وهي السياسة الصدرية التي أضرت بالعراق كثيرا). فالتعاطي السياسي وتحديدا في الأزمات لم يكن كذلك على الأطلاق. لأن هكذا سياسة تزيد الملفات تعقيدا وتدخل البلاد في المجهول لا بل تسمح لصعود فاسدين وهامشيين جدد.
مع أتفاقنا التام بأن السيد مقتدى الصدر من عائلة كريمة، ويحبها الشعب العراقي لعلمها وورعها ونتاجها الفكري والعلمي والفقهي والديني، وأن عائلة آل الصدر أنجبت كبار دخلوا التاريخ أمثال (الشهيد السيد محمد باقر الصدر، والشهيد المصلح الكبير والوطني الجامع السيد محمد صادق الصدر، والشهيدة السيدة شقيقة محمد باقر الصدر رضوان الله عليهم) وأمثال ( السيد موسى الصدر/ نسأل الله أنه حيا يرزق). وبالتالي فهي أسرة حركية أنقاذية للمجتمعات وليس العكس. وبالتالي هي خط أحمر ولا يجوز التجاوز عليها أو التشكيك بها وبوطنيتها. علما أني تشرفت بالدفاع عن الشهيد محمد صادق الصدر رضوان الله عليه في المحافل الدولية ضد رموز النظام السابق لنثبت تلك الجريمة النكراء في المحافل الدولية. وموقفي هذا عن قناعة كان ولا زال لإيماني التام بأن الصدر الثاني مصلحا أجتماعيا ووطنيا كبيرا وقاد ثورة أصلاحية في جميع الميادين ولكنها لم تكتمل بسبب الغدر الذي تعرض له الفقيه والمرجع الكبير الصدر الثاني.. ولا أريد المتاجرة في هذا الموقف لأني قلتها للكثير من قادة التيار الصدري أنكم ليسوا أوفياء للرجال الصادقين الذين وقفوا معكم في المحن التي تعرضتم لها. وليسوا أوفياء لعشاق الشهيد الصدر الثاني الذي أغتيل تماشيا مع المشروع الذي كان معدا للعراق .وهو مشروع الأحتلال وتدمير العراق. وأني مقتنعا لقد تأمرت على قتلة قوى ” نجفية، وعراقية، وأقليمية، ودولية” ولو لم يقتل لكان قائدا عالميا للمقاومة ولأخرج المحتل بشهر واحد، لأخرس الكثير من الذين هادنوا المحتل حتى ضياع العراق وأخرها العراق المفلس!!!!.
فلقد باتت تضحك علينا الشعوب والأمم والأنظمة السياسية في المنطقة والعالم هذه الأيام بأن تفاتح الناس عبر ” الأيميل، والواتساب، والفايبر، والفيسبوك” تعالوا لتصبحوا وزراء، وتعالوا لتصبحوا قادة في الدولة. العراقية. لا بل قرأنا بعض الأسماء التي كانت في السجن في زمن النظام السابق بتهمة الرشا والتزوير والفساد، ومنهم من كان يفترض راعيا للعدالة ولكنه كان مسجونا بتهمة السرقة والفساد…. فهذا عمل خطير وتصرف يلغي الدولة، ويلغي الشعب العراقي ،ويلغي أماني الناس، ويلغي طلبات المتظاهرين. وهو تصرف يصب في التفرد والديكتاتورية وولادة فاسدين جدد.لأن الشعب العراقي ليس فصيل من العمال في مزرعة الأخوة الذين يريدون فرض أسماء جديدة على العراق وبطريقة “الأيميل، والواتساب” والدولة العراقية ليست مزرعة خاصة. وبالتالي لا تجوز هذه الطريقة لأنها تؤذي الناس وتفقد الكثير من شعبية آل الصدر، لا بل تؤذي روح الشهيد الصدر الثاني الذي عشق هذا الشعب وأراد تحريره من العبودية والخرافة والتجهيل!!!!.
السيد مقتدى لم يتحرك من فراغ:
أولا:ــ
التقط السيد مقتدى الصدر لحظة اعلان المرجعية الشيعية في النجف وعبر منبرها في كربلاء بأنها لن تتعاطى في الشأن السياسي مستقبلا . وقرارها جاء بعد التقاطها لتوجهات أميركية نحو التغيير. وهناك أسباب لا داعي لشرحها الآن وتتعلق بمستقبل المرجعية وديموغرافيتها الجديدة التي سنعرفها في قادم الأيام. فهناك صراع ” مستتر” داخل المرجعية لأسباب مهمة، وهناك صراع أجيال داخل الحوزات والمرجعية ـ نؤجل الحديث عنها لكننا نتابعها ــ وأن السيد مقتدى ليس بعيدا عن ذلك .بل هو يتابع هذا الملف وبدقة وليس من مصلحته السكوت مادام يمتلك جمهورا جاهزا في جميع الأوقات والظروف وهو ما يتميز به السيد الصدر عن غيره. وهذا بحد ذاته بمثابة ضوء أخضر للسيد مقتدى الصدر من الجانب الأميركي عبر طرف ثالث، ومن المرجعية الشيعية عبر طرف ثالث أيضا ليتحرك ويأخذ زمام المبادرة في الحراك وفي التغيير. والسبب ( لأن السيد مقتدى الصدر لديه قابلية أسكات من لا يسكت، ويُخيف من لا يخاف).. بسبب عفويته السياسية، وقوته الجماهيرية و”كارزيمته” الدينية!!). وبالتالي لن نستبعد أن تكون المكافأة المنتظرة للصدريين أن يكون ( رئيس الوزراء منهم) ولكن ما يُخيفنا حقا هو سلامة السيد ( هل ستكون المكافأة بوجود الصدر أم بعد غيابه؟) لأن اللعبة الدولية والإقليمية في العراق معقدة ومتصاعده للغاية، وهناك أدوات محلية باتت خطيرة هي الأخرى باتت تزيد في خطورة المشهد العراقي!…..
ولكن قطعا هناك قناعة لدى المرجعية الشيعية، ولدى الجانب الأميركي، والخليجي ، والأيراني بأن العراق بحاجة ماسة الى رجل بمواصفات السيد مقتدى الصدر ليُنهي عقد مرير.. قد مضى… نحو عقد جديد سيبدأ!!!!. وما يقوم به الصدر أخيرا في الشارع سيقود الى:
-
أنهاء دور التحالف الوطني ” الشيعي” بعد اليقين بأنه مصدر مهم من مصادر العقم السياسي، وتعطيل الأصلاح في العراق.ويبدو أن السيد مقتدى جاد في هذا.
-
أنهاء هيمنة ” حزب الدعوة” على منصب رئيس الوزراء. وحال خروج منصب رئيس الوزراء من الدعوة سوف يتعرض الحزب الى أنتكاسات خطيرة جدا.وسوف يصبح هناك عزوف كبير من هذا الحزب وخصوصا الذين أنتموا اليه أنتهازيا ووصوليا خلال السنوات الماضية. وسيعيش قادته في غربة سياسية وأجتماعية لأنهم هم السبب لأنهم لم يجددوا الحزب ،ولم يسمحوا بصعود دماء جديدة بسبب أنانيتهم وحبهم للتسلط. وبالتالي ربما يتعرض قدة الحزب للكثير من المضايقات و المخاطر بسبب قيادة حزب الدعوة للدولة العراقية بعد سقوط نظام صدام ولأكثر من 10 سنوات. وبالتالي باتت قيادات “الدعوة” تقود معركة حياة أو موت!!
-
هناك محاولات لأخراج الدكتور “العبادي” من حزب الدعوة، وحتى من أئتلاف دولة القانون. أما طوعا أو بالضغط. أو من خلال أغرائه ليكون على رأس كتلة نيابية تحت شعار ” عابر للطائفية”. او أغرائه ليكون على رأس مجموعة منشقة من “حزب الدعوة” وأن هذا العمل جاري على قدم وساق وهناك أعضاء في الدعوة يعملون على هذا وبدعم من أطراف شيعية من خارج الدعوة، وأطراف سنية وحتى أميركية (((( لا بل هناك ضغط من كتل شيعية وسنية على نوابها ليمثلوا الأنشقاق والأنتماء الى كتلة عابرة للطائفية وتؤمن بأن تساند العبادي لتغريه بالخروج من الدعوة والقانون)))))!!. ..أن حصل هذا سيكون العبادي أمام أحتمالين ( أما سيبقى مرشحا لقيادة الحكومة ولكن تحت أملاءات صدرية وشيعية أخرى لها علاقات جيدة مع السنة والكرد…. أو حال خروجه سيقولون له أنك غير مؤهل وبالتالي عليك بالترجل ليُسلّم المهام الى شخص أخر وضمن لعبة التكنوقراط التي يعزفون عليها أخيرا). وربما سيخرج بعد ايام بيان من الصدر والتيار الصدري ينزه السيد ( بهاء الأعرجي) من تهم الفساد ليصبح مرشح التيار الصدري ( وأني لن أستبعد ذلك!!)
-
هناك ملامح لبروز أحتمالين من وراء التصعيد في الشارع :
الأول: سيصبح هناك غطاء لهروب وغياب الفاسدين الكبار خصوصا وأن بعضهم على قرب من المرجعية، ومن طهران، ومن واشنطن، ومن حتى مقتدى نفسه ” في تياره”. أي ربما ستتميع قضية معاقبة الفاسدين ويصبح الأنشغال بأمور أخرى خصوصا وأن الدولة مفلسة..
والأحتمال الثاني: ربما سيتم الفتك بقسم من الفاسدين جماهيريا ” مثلما حصل مع نوري السعيد” وسيتم محاكمة الباقين” يجلسون بقفص صدام حسين نفسه” ــ ونحن نشك في تحقيق ذلك. بل نميل أن خزينة العراق المنهوبة سيتيه أمرها وتصبح كمقتل الأمام الحسين عليه السلام وعندما أراده يزيد الملعون أن يكون متوزع على القبائل والفصائل….. ولم يبق للشعب العراقي ألا أنتظار الفتك الإلهي بالفاسدين، مثلما فتك الله تعالى بقتلة الأمام الحسين عيه السلام وعندما خرج لهم المختار رضي الله عنه!!. وعلى العراقيين أنتظار مختارهم ليفتك بالفاسدين والسارقين وببائعي العراق!!.
ثانيا:ـ
ما يقوم به السيد الصدر في الشارع ومن تصعيد سياسي غير غائب عن الأميركيين والأيرانيين (( ولدي معلومات موثوق بها جدا أن السيد قاسم سليماني سعيد بما يقوم به الصدر. بل حذّر الأفرقاء الشيعة من الوقوف بوجه السيد مقتدى . بل راح ينصح أي سليماني بالمنشقين عن الصدر ليعودوا اليه ويمنع الأنشقاق عن الصدر/// بالمقابل هناك سعادة لدى الرئيس روحاني والتيار الأصلاحي لما يقوم به الصدر// والجانب السعودي والخليجي هو الأخر سعيد بما يقوم به السيد الصدر// ناهيك عن السعادة الغامرة وسط كثير من الذين يحملون ففكر البعث ” ليسوا بعثيين عاملين الأن ولكنهم يحملون فكر البعث”))…..فالوضع العراقي في هذه النقطة ذاهب نحو:
-
ستنحسر مساحة الأسلام السياسي الراديكالي كثيرا. وستنحسر مساحة المأزومين الذين كانوا سببا في تخريب العلاقات الوطنية، وفي تخريب علاقات العراق الخليجية والعربية والتركية وغيرها.
-
سينحسر تماما دور ( المليشيات) في العراق. وخصوصا التي يطلق عليها السيد الصدر تسمية ” الوقحة”، ويصار الى أنهاء (الحشد الشعبي) من خلال دمج المؤهلين منه بالجيش والشرطة.
-
سينتهي دور رجال الدين و “المرجعية” من التدخل في الشأن السياسي ( مع ضمان حصانتهم). لأن العراق ذاهب نحو تاسيس الدولة “المدنية” المتصاهرة مع الأصلاحيين الأسلاميين ومع العلمانيين واليساريين!.
-
سيتقدم السيد الصدر ليصبح الرقم الصعب في الحوارات السرية داخل المرجعية الشيعية حول مستقبل المرجعية وعملية التجديد فيها. خصوصا وأن السيد السيستاني له فضل على السيد مقتدى الصدر عندما منع المالكي من اعتقاله، ومنع الأميركان من التحرش بالصدر.. وجاء دور أعادة ذلك الجميل والفضل للسيد السيستاني وللمرجعية!.
نقطة نظام: ــ
من يعتقد بأن واشنطن دخلت على خط الأصلاح والتغيير بشكل مباغت وبعدما تحرك الشارع العراقي فهو واهم. فالجانب الأميركي هندس عملية التغيير في العراق وعلى الطريقة (الناعمة) وعندما هندس العملية الأنتخابية في العراق وعندما فرض (الجيل الثاني من العملاء) وأدخلهم للبرلمان وكانت الخطوة الأولى ليهبوا نحو تأسيس التيار المدني، ودعم التغيير، وتحريك المظاهرات، وتسقيط الفاسدين أعلاميا وأجتماعيا ..الخ. وأن المظاهرات في الشارع قبل دخول السيد الصدر عليها كانت بترتيب أميركي ورعاية أميركية.
وواشنطن هي التي منعت المتظاهرين من المساس بالمرجعية ” لان الساعات الأولى من التظاهرات في النجف ذهبت بأتجاه مكاتب المرجعية وهي غاضبة جدا وتهتف ضد المرجعية ـــ وكنت أشاهدها بعيني ــ لولا العيارات النارية من قبل الشرطة هناك وترتيب حائط بشري من القوات الأمنية… مما حدى بالمرجعية الشيعية لتعلن من خلال خطبة الجمعة..وهي الجمعة الأولى التي تلت “المظاهرات” لتعلن تأييدها للمتظاهرين وأنها تدعم الدولة ” المدنية” ودعمها لمحكامة الفاسدين ( وكانت هي الجمعة التي تصاهرت بها المرجعية مع المتظاهرين) وكانت هناك سعادة أميركية في هذا!!.
وحتى أن عملية منع “المالكي” من ولاية ثالثة، ومنع المالكي من التأثير في قرار الدولة كان قرارا أميركيا وكانت هناك نية أميركية لمحاكمة المالكي لولا التفاهم” الأميركي – الأيراني” لمنع هذا خوفا من أنفجار صراع ( شيعي – شيعي) قد يؤثر على محادثات الملف النووي مما جعل الأميركان يذعنون الى حصانة و حماية المالكي والمرتبطين به ( علما ليست هناك ملفات فساد شخصية ضد المالكي!!) ولكن استفحال الفساد والمفسدين والفاسدين كان بفترتي المالكي.
اسئلة تسبق الكود السري:
الناس باتت تطرح الأسئلة في الشارع العراقي وفي جميع دهاليز الحياة العراقية:
-
أين يريد السيد مقتدى الصدر بالمظاهرات؟
-
كيف يتظاهر السيد مقتدى الصدر ولديه وزراء ونواب وزراء ولديه مدراء عامون ..الخ؟ ويتظاهر على من؟
-
لمصلحة من يقود الصدر المظاهرات وهو شريك في الحكومة؟
-
ماهو برنامج الصدرالأصلاحي لأنقاذ العراق؟
-
كيف يأمر السيد الصدر بحجز السيد “بهاء الأعرجي” من خلال (هيئة نزاهة في التيار). فهل السيد فوق الدولة أم هيئة نزاهة التيار فوق الدولة؟ فيفترض بالسيد مقتدى وضع بهاء الأعرجي بالسيارة الخاصة به ويرسله حيث المحكمة الأتحادية لتبت بأمره أما فاسدا أو نزيها!!.
كل ما تقدم أضافة لمستقبل العراق ينتظر ( الكود السري) الذي يحمله الرئيس الأيراني ( حسن روحاني) الى بغداد والى القيادة العراقية. والكود السري الذي يحملة روحاني بات واضح المعالم بعد فوز (الأصلاحيين) في أيران، أي في مجلس الشورى الأيراني. وهو:
أبعاد التيارات الأسلامية الراديكالية العراقية هي ورموزها الكبار ( العجائز) لأنها تيارات محافظة وكانت يُملى عليها من طهران،وتحديدا من التيار المحافظ والمهيمن في إيران. فإيران اليوم لا تحتاج العراق بقدر حاجتها له قبل تحقيق الأتفاق في ( الملف النووي). فإيران اليوم منتعشة برفع الحصار، ووصول الأموال المحتجزة، والدخول للنادي النووي السلمي في العالم، والشروع بمنظومات الصواريخ وتسجيل نفسها (إيران العضو المؤثرفي النادي العالمي بالنسبة للشرق الأوسط والعالم العربي والأسلامي). أيران اليوم تريد العراق ( أصلاحيا) وليس محافظا ( راديكاليا) لفرض حالة تناغمية بين طهران الأصلاحية وبغداد التي يجب أن تكون أصلاحية.فالعراق بات مهما لأيران لأنه يؤشر عليها أستراتيجيا ولأنه جزء مؤثر من أمنها الأقليمي، أما الجوانب الأخرى وأهمها أستغلال العراق والجماعات العراقية والبنوك العراقية للتهرب من الحصار فباتت أيران لا تحتاج الى ذلك!.
وقد يسأل سائل كيف يحدث هذا؟
الجواب:
هناك موافقة مبدئية من المرشد ومن المؤسسات الأيرانية المهمة بأن تصبح طهران بوجه أصلاحي مع السماح للتيار المستقل ليكون تيارا ثالثا في البرلمان أضافة للمحافظين. وبالتالي على العراق أن لا يقدم ( رجال دين، ومعممين، ومحافظين، ومنغلقين) الى الواجهة السياسية بل يقدم العراق شخصيات منفتحة، وترتدي البدلات الغربية، على نمط ( جواد ظريف) مثلا. وبما ان المحافظين والراديكاليين العراقيين ( العجائز) أقوياء في الساحة العراقية ولم يجرؤ أن يخاصمهم أحد صار اللجوء الى السيد مقتدى الصدر ليقوم بالمهمة كونه يحمل مؤهلات أسكات هؤلاء وإخافة هؤلاء وجميع أدواتهم وأذنابهم… وباشر الصدر في هذا وبعلم القيادة الأيرانية التي اصبحت تواقه الى ولادة ( تيارات أصلاحية، وتيارات مستقلة) في الوسط الشيعي العراقي.
تدوير زوايا النظام السياسي العراقي!!
فهناك أتفاق بات يصل لليقين بين طهران وواشنطن بأن مستقبل العراق تحدده ( طهران، الرياض، أنقرة، وواشنطن) ومن خلال الطاولة ” الرباعية” ومن خلال تدوير زوايا النظام السياسي في العراق. وبما أيران أعطت الضوء الأخضر للسيد مقتدى الصدر لتصفية (البيت الشيعي) ويغربله ليكون جاهزا لأخراج ( تيارات أصلاحية ومستقلة ومدنية). يفترض بتركيا والسعودية القيام بنفس المهمة لأبعاد ( عجائز السياسة السنة) نحو بروز وجوه سنية “أصلاحية ومدنية ومستقلة” وعلى الولايات المتحدة التأثير على (الجانب الكردي) ليفرز وجوها مرنة من التخلص من جميع الوجوه (القومية، والشوفينية، والمتعالية). من أجل الجلوس على ( الطاولة الرباعية) التي سترسم مستقبل العراق.
فليست هناك حساسية أيرانية من نشاط السفارة السعودية في العراق ( لا بل أوعز الأميركان للرياض لتوصي سفيرها السبهان بالهدوء والتعاطي السياسي والدبلوماسي / فسارعت الرياض لأعطاء مهمة الأستخبارات والأمن والأتصال وصنع اللوبيات داخل العراق الى القنصل السعودي في أربيل منعا لأستفزاز بغداد والشيعة/ ولقد باشر القنصل السعودي باللقاءات السرية مع صحفيين، وأعلاميين، ووجوه أجتماعية، وسياسية ، ونواب، وغيرها) وباتت مهمة السفير السبهان لا تختلف عن مهمة السفير السعودي في لبنان لضبط الايقاع العراقي!
فبات هناك فرزا واضحا في الجانب الآخر:
-
أصبح ” أياد علاوي” وجماعته، أضافة لـ “النجيفي” وجماعته من حصة تركيا. وسارع أياد علاوي لتقديم مبادرة وسلمها للسفير التركي وهي تخص مستقبل العراق.
-
هناك شرائح سنية ( نواب وشخصيات سياسية ودينية مهمة) أصبحت من حصة السعودية وباتت تواصل ندواتها ومؤاتمراتها بدعم سعودي.
-
رئيس البرلمان العراقي ( سليم الجبوري) وجماعته منشطرا بين دولة قطر وبين قصر الرئيس التركي كونه يمثل جناح الأخوان المسلمين في العراق.
-
وهناك أصطفافات كردية بدعم ” أميركي” بالدرجة الأولى، وسعودية وتركية بالدرجة الثانية.
-
مع تواصل الحراك الشيعي الصعب والذي سيولد أصطفاف كبير مع طهران الأصلاحية. وبالمقابل ستصطف جماعات شيعية مع السعودية وهؤلاء سيكونوا بذرة الصراع بين السفارتين الأيرانية والسعودية في بغداد. فالسفارة الأيرانية تريد أرجاعهم للصف الشيعي المتفاهم مع إيران، والسفارة السعودية تريد توسعتهم وجذب الكثير من الجماعات الشيعية الأخرى.
فلن يكون هناك تقسيم للعراق. بل سيكون التقسيم سياسي من خلال (العواصم الاربع) التي ستشترك في رسم مستقبل العراق مع أعطاء مساحة فيدرالية معلنة، أو كونفدرالية غير معلنة ولكنها أمر واقع!!.
الخلاصة:
المشهد العراقي مقبل على التصعيد وصولا لـ ( تفليش) هالات وكيانات باتت غير ضرورية تمهد لولادة مشهد يخلو من اللغة “الطائفية، والتسقيطية”. وكلما بقي الفاسدون والمهيمنون على أركان الدولة أغبياء في ألتقاط الكود السري وبقوا في أماكنهم ومواقعهم كلما تصاعد الموقف وأحتمال سيصل الى ( سحلهم في الشوارع) وهم من يتحمل، المسؤولية لأنهم أغبياء في فهم المتغيرات وأغبياء في فهم السياسة الأميركية.
ولكن نحن نخاف من الصمت المتفجر. أو الصمت المكلف…
فالى متى سيستمر صمت وسكوت ( صقور حزب الدعوة) أولا، وصقور التيار الأسلامي المحافظ المهدد بالأقتلاع من المشهد العراقي ثانيا. فأن قرر هؤلاء المواجهة سواء مع السيد مقتدى الصدر أو مع أدوات التغيير والأصلاح سوف تنفلت الأمور نحو ( الفوضى) ومن رحم هذه الفوضى سيولد صراع ( شيعي – شيعي) وهنا ستدعمه السفارات الخليجية بقيادة السفارة السعودية، وستدعمه الأطراف الطائفية “السنية” في البرلمان وفي المشهد السياسي وفي العراق. وحينها سيدفع الثمن باهضا الشعب العراقي بشكل عام، وعقلاء وأصلاحيي الشيعة والسنة!!.
ويبقى هناك سؤال ليس له جواب:
بعد تلك الأحداث والتصعيد… هل سيمثل التيار الصدري دور تيار الأخوان في مصر، وحينها سيصبح السيد مقتدى الصدر بمثابة الرئيس مرسي ليُقاد في أخر المطاف نحو السجن؟
ملاحظة:
أحلل الأحداث بعيدا عن الطائفية، والحزبية، والميول الشخصية…وأكرر أنا “شوفيني” على بلدي مصلحة ومستقبل العراق. ولا تعنيني البلدان الأخرى بعد أن ثبت لدينا بأن جميع الدول لا تريد الخير لبلدي.
اترك تعليقاً